إعطاء الأرض الزراعية للأخ للانتفاع بها
يقول السائل:
أ) أنه ورث قطعة أرض زراعية عن والده حوالي ثلاثين قيراطًا، وأنه في سعة من العيش، وقد ترك هذه القراريط لأخيه الأكبر الذي يعمل بالزراعة وعنده أطفال كثيرون؛ ليستغلها لنفسه منذ وفاة والدهما ولم يحاسبه على إيرادها، ثم قال السائل: فهل يجوز احتساب هذا زكاة عني وعن أولادي علما بأني لا أملك سوى مرتبي؟
ب) أنه بنى بيتًا لم يحصل منه على إيراد بعد، فإذا دخل منه إيراد، فما هو الموقف بالنسبة للزكاة؟
إن الزكاة بوجه عام من فروض الإسلام وأسسه ففي القرآن الكريم قول الله سبحانه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103]، وقوله: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، وفي الحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الإسلام فقال: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ...» الحديث، وكل نوع من الأموال حدد له رسول الله صلى الله عليه وسلم نصابًا -أي قدرًا معينًا- لا تجب الزكاة إلا إذا بلغه وما فوقه، فإذا (نقص) المال عن النصاب فلا زكاة، مع شروط أخرى في كل نوع من الأموال، وبعد هذا فإنه عن السؤال أولًا: أ) فإن زكاة الزرع على مالك ما يخرج من الأرض ملكًا تامًا وقصد بزراعته استغلالها عادة على خلاف بين الفقهاء فيما يجب فيه الزكاة من المزروعات، وجمهور الفقهاء يشترطون النصاب في زكاة الزرع عملًا بحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ» أخرجه مسلم وغيره، وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن الوسق ستون صاعًا كما جاء في المجموع للنووي ج 5 ص 447 أي أن النصاب ثلاثمائة صاع وهي تساوي بالكيل المصري خمسين كيلة، لما كان ذلك لم يكن على السائل زكاة الزرع؛ لأنه لا يزرع وإنما أخوه هو الزارع فإذا كان قد ترك الأرض التي ورثها لأخيه متبرعًا، فإيرادها صدقة تطوعية ولا تحتسب من الزكاة إذا وجبت عليه زكاة أموال أخرى غير الزراعة، على أن له أن يحسب إيجارها، وعند سداد أخيه لهذا الإيجار يعطيه إياه ناويًا الزكاة إذا وجبت عليه؛ لأن النية يجب أن تقارن إخراج الزكاة.
ب) إن البيوت والمنازل التي خصصها المسلم لسكناه وسكنى أسرته لا زكاة عليها بشرط أن تكون في حدود سكنى أمثاله، فإذا ما استغل جزءًا منها بالإيجار للغير، فإن كان ليس في حاجة إلى هذا الإيجار للإنفاق منه على نفسه وأسرته كان مالًا مدخرًا تسري عليه شروط نصاب الأموال السائلة المدخرة، وهي في الجملة بلوغه النصاب، وحولان الحول عليه بمعنى توافر النصاب في أول الحول وفي آخره، وزيادته عن حاجته وحاجة من يعولهم، وخلو ذمة مالكه من الديون، فإذا توفرت هذه الشروط وغيرها مما نص عليه الفقهاء وجبت الزكاة في إيراد هذا العقار منفردًا أو بضمه إلى مدخرات أخرى توافرت فيها شروط وجوب الزكاة، ونصاب النقد الذي تجب فيه الزكاة هو مقابل 85 جرامًا ذهبًا، بمعنى أن يحصي النقود المدخرة فإذا بلغت قيمة هذا الوزن من الذهب كان النصاب متوفرًا وإلا لم يتحقق أهم شرط وهو النصاب فلا تجب الزكاة.
المبادئ 1 - الأرض التي تركها مالكها لأخيه لزراعتها يعتبر إيرادها صدقة تطوعية، ولا تحتسب من الزكاة إذا وجبت عليه زكاة أموال أخرى.
2 - له أن يحسب إيجارها وعند سداد أخيه لهذا الإيجار يعطيه إياه ناويا الزكاة إذا وجبت عليه.
3 - لا زكاة على البيوت والمنازل المخصصة للسكنى، فإن استغل المالك جزءا منها زائدا عن حاجته وجبت فيه الزكاة بشروطها.
4 - نصاب النقد الذي تجب فيه الزكاة هو ما يقابل 85 جرامًا من الذهب.
بتاريخ: 2/12/1981
دار الإفتاء المصرية
رقم الفتوى: 188-1 س: 115 تاريخ النشر في الموقع : 12/12/2017