المُطَالَب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
هل المطالبون بإنكار المنكر هم العلماء فقط دون غيرهم، أم جميع الناس؟
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمور العارضة المعينة من فروض الكفاية، وقد يتعين وينحصر في فرد إن لم يوجد غيره حيث يجب ويشترط فيه العلم بما يأمر به أو ينهى عنه، بل كل عمل شرعي يشترط فيه العلم به لا العلم بجملة علوم اللغة والشرع التي يعطى متعلمها شهادة رسمية بأنه عالم.
فالفرائض العينية والمعاصي القطعية المعلومة من الدين بالضرورة شأنها أن يعرفها كل مسلم، وهي أهم ما يجب الأمر بالمفروض منه كأركان الإسلام الخمسة والنهي عن المنكر منه كالزنا والسُّكْر والسرقة والخيانة والكذب والنميمة.
وأما المسائل غير المعلومة للعوام والخواص من المسلمين؛ فإنما يُطَالِب بها العالم بحكمها، وإذا قام بها جمهور العوام والخواص من المسلمين، كان ذلك أعظم مؤدب لتاركي الفرائض ومرتكبي المعاصي.
وقد بيَّنا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[١٠٤]﴾ [آل عمران: 104] أن في جملة قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ وجهين: أحدهما أنه يجب أن تتألف منكم جماعة تتعاون على القيام بهذه الواجبات، وهذه الجماعة يجب عليها أن تدرس ما يتوقف عليه الأمر والنهي بجميع فروعه، وثانيهما: أن معناها ولتكونوا أمة تدعو إلى الخير... إلخ.
وكل من الوجهين صحيح، والثاني عام للأفراد كل أحد فيما يعرفه ويقدر عليه (ويراجع التفصيل في الجزء الرابع، من تفسير المنار). [1]
[1] المنار ج34 (1934) ص356.
فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا
رقم الفتوى: 1014 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017