• قيمة مؤخر الصداق بالجنيه الذهب

    يقول السائل: بإشهاد الزواج المحرر في 11 شوال سنة 1330 هجرية 22 سبتمبر سنة 1912 بأن الشيخ م. ع. أ. تزوج بـ ص. ع. م. على صداق قدره 24 جنيهًا ذهبا مصريا نقيا: الحال منه 12 جنيهًا تسلم منه وكيل الزوجة جنيهين، والباقي منه 10 عشرة جنيهًات بذمة الزوج يقوم بسداده إليها عند طلبها، والمؤجل منه 12 اثنا عشر جنيهًا يحل بأحد الأجلين الفراق أو الوفاة، وتضمن الطلب أن الزوج قد توفي عن زوجتين، وورثة ذكور وإناث.

    وطلب السائل بيان الحكم الشرعي فيما يأتي: هل تستحق الزوجة المذكورة باقي معجل الصداق ومؤخره؟ وإذا كانت تستحق ذلك فهل تستحقه باعتبار الجنيه عملة متداولة تساوي 100 قرش أو باعتبار الجنيه الذهب قطعة ذهب؟ وإذا كانت تستحقه باعتبار الجنيه الذهب قطعة ذهبية هل تستحقه باعتبار قيمته الذهبية وقت العقد أو باعتبار قيمته يوم الميراث؟

    المقرر شرعًا أن الزوجة يجب لها المهر جميعه بالعقد، ويتأكد كله بالدخول الحقيقي أو بالخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح أو بوفاة أحد الزوجين، ويحل المؤجل منه بحلول أجله الطلاق أو الوفاة، وبما أن الزوج قد توفي فتستحق الزوجة مؤخر الصداق وما بقي من معجله إذا لم تكن قد استوفته ولا شيئًا منه ولم تكن قد أبرأته منه ولا من شيء منه قبل وفاته، ولا أخذت في مقابله كله أو بعضه شيئًا، وما يستحق من الصداق على الوجه المذكور يكون دينا في ذمة الزوج تستوفيه من تركته قبل قسمتها.

    هذا وقد جاء بالجزء الثاني من كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني ص 276: «ولو تزوجها على ثوب معين أو على موصوف أو على مكيل أو موزون معين فذلك مهرها إذا بلغت قيمته عشرة، وتعتبر قيمته يوم العقد لا يوم التسليم حتى لو كانت قيمته يوم العقد عشرة فلم يسلمه إليها حتى صارت قيمته ثمانية فليس لها إلا ذلك، ولو كانت قيمته يوم العقد ثمانية فلم يسلمه إليها حتى صارت قيمته عشرة فلها ذلك ودرهمًان؛ لأن المكيل الموزون إذا كان موصوفا في الذمة فالزوج مجبور على دفعه، ولا يجوز دفع غيره من غير رضاها فكان مستقرا مهرا في ذمته، فتعتبر قيمته يوم الاستقرار وهو يوم العقد؛ لأن ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه، وإنما التغيير في رغبات الناس بحدوث فتور فيها، ولهذا لو غصب شيئًا قيمته عشرة فتغير سعره وصار يساوي خمسة فرده على المالك لا يضمن شيئًا، ولأنه لو سمى ما هو أدنى مالية من العشرة كان ذلك تسمية للعشرة؛ لأن ذكر البعض فيما لا يتجزأ ذكر لكله، فصار كأنه سمى ذلك ودرهمين ثم زادت قيمته». اهـ بتصرف.

    وجاء في باب المهر بالجزء الثاني من رد المحتار على الدر المختار على متن تنوير الأبصار ص 508 وما بعدها للعلامة ابن عابدين قوله: «قيمته عشرة وقت العقد: أي وإن صارت يوم التسليم ثمانية فليس لها إلا هو، ولو كان على عكسه لها العرض المسمى ودرهمًان، ولا فرق في ذلك بين الثوب والمكيل والموزون؛ لأن ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه، وإنما التغيير في رغبات الناس». اهـ.

    وجاء في الهداية: «ومن سمى مهرا عشرة فما زاد فعليه المسمى إن دخل بها أو مات عنها». وعلق صاحب فتح القدير العلامة الكمال بن الهمام على هذه العبارة بقوله: «هذا إذا لم تكسد الدراهم المسماة، فإن كان تزوجها على الدراهم التي هي نقد البلد فكسدت وصار النقد غيرها فإنما على الزوج قيمتها يوم كسدت على المختار». وطبقا لما ذكر إذا سمي عند العقد شيء مقوم وحدد بما ينفي الجهالة صحت التسمية، وكان للزوجة أخذ المسمى أو قيمته، وتعتبر القيمة وقت العقد؛ لأنه وقت الثبوت في الذمة والاستقرار، ولا عبرة بيوم التسليم والدفع إن تغيرت القيمة لأن ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه وإنما التغيير في رغبات الناس بالإقبال أو الفتور، وطبقا لما جاء في فتح القدير أنه إذا سمي في المهر نقد يجري به التعامل في البلد، ثم بطل التعامل به فإنه يجب للزوجة قيمة ما سمي من النقد يوم بطلان التعامل به، وظاهر في حادثة السؤال أن المهر المسمى جنيهًات ذهبية مصرية، والجنيهًات الذهبية المصرية كانت عملة متداولة يجري التعامل بها بين الناس في البلد وقت العقد على أساس أن الجنيه يساوي 100 مائة قرش من غير نظر مطلقا إلى أنها قطع ذهبية تساوي قيمتها قليلا أو كثيرا، وتتغير قيمتها وسعرها بتغير الظروف والأزمنة والأمكنة والعوامل الاقتصادية، وقد استقر الأمر اخيرًا على اعتبار الجنيه الذهب في التعامل عمله متداولة يساوي 100 مائة قرش من غير نظر إلى قيمته كقطعة ذهبية وسلعة تباع في السوق كالذهب غير المضروب وتخضع لتقلبات الأسعار، ولا يزال التعامل به جاريا على هذا الأساس إلى الآن، ومن ثم يكون المستحق للزوجة في هذه الحالة هو المبلغ المسمى من الجنيهًات على أساس أن الجنيه يساوي 100 مائة قرش.

    ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.

    المبادئ:-
    1- يجب للزوجة المهر جميعه بالعقد الصحيح ويتأكد بالدخول الحقيقي أو بالخلوة الصحيحة أو بوفاة أحد الزوجين.

    2- يحل المؤجل من المهر بحلول أجله الطلاق أو الوفاة.

    3- ما يستحق من الصداق يكون دينا في ذمة الزوج تستوفيه زوجته من تركته قبل قسمتها.

    4- إذا سمي في المهر نقد يجري به التعامل في البلد ثم بطل التعامل به فإنه يجب للزوجة قيمة ما سمي من النقد يوم بطلان التعامل به.

    بتاريخ: 22/9/1965

    دار الإفتاء المصرية

    رقم الفتوى: 350 س:100 تاريخ النشر في الموقع : 12/12/2017

    المفتي: أحمد محمد عبد العال هريدي
    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة