حكم تجارة المخدرات وتعاطيها
ما الحكم الشرعي في المتاجرة أو تعاطي المخدرات كالحشيش والأفيون والهروين، وما يشبه ذلك من تلك السموم؟
1- من فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن أحل لهم الطيبات وأن حرم عليهم الخبائث، أحل لهم الطيبات التي تتعلق بمأكلهم ومشربهم وملبسهم وغير ذلك مما يتعلق بمختلف شؤون حياتهم، وحرم عليهم الخبائث التي يترتب على الوقوع فيها ما يؤدي إلى الضرر بهم في دينهم وفي دنياهم، وهناك نصوص كثيرة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- تؤكد هذا المعنى وتقرره، فمن الآيات القرآنية قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[١٧٢] إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[١٧٣]﴾ [البقرة: 172 - 173].
ومن الأحاديث النبوية ما رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام».
2- وعلى رأس الخبائث التي حرمها الله تعالى المخدرات بشتى صورها وبمختلف أنواعها وأسمائها، وقد عرفت المخدرات بأنها المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقدان الوعي بصورة قد تختلف من شخص إلى آخر، وهذا التعريف -كما يبدو- مأخوذ من أصل معنى الكلمة في اللغة العربية؛ إذ الخدر في اللغة معناه: الكسل والثقل، قال صاحب المصباح المنير جـ 1 صـ 225: خدر العضو خدرا من باب تعب إذا استرخى فلا يطيق الحركة، وقد قسمها الخبراء حسب مصدرها إلى: مخدرات طبيعية: وهي المشتقة من نباتات الخشخاش والقنب والكوكا كالحشيش والأفيون والمورفين والكوكايين.
وإلى مخدرات تخليقية: وهي التي تصنع في المعامل والمصانع بطريقة كيميائية كالعقاقير المهبطة والمنشطة[1].
3- وكلامنا هنا إنما هو عن المخدرات التي ثبت ضررها ثبوتا مؤكدا كالحشيش والأفيون والكوكايين وغير ذلك مما يشبهها في مفاسدها وأضرارها سواء أكانت تلك المفاسد تحدث عن طريق الشرب أو الشم أو الحقن، ولقد تكلم العلماء قديما وحديثا كلاما طويلا عن أضرار المخدرات:
أ) فذكروا أن من أضرارها الصحية أنها تؤثر في أجهزة الجسم فتضعفها بعد أن كانت قوية، وتغرس فيها الكسل والبلادة بعد أن كانت نشطة ذكية.
قال بعض العلماء: المدمن على تعاطي المخدرات يصاب جسمه بالوهن والضمور وشحوب الوجه وضعف الأعصاب وغالبا ما ينتهي الإدمان بصاحبه إلى الجنون[2].
وجاء في إحدى نشرات وزارة الصحة: «والمخدرات تضعف مناعة الجسم وتقلل من قدراته على مقاومة الأمراض»[3].
ب) وذكروا أن من أضرارها الاقتصادية: أنها تجعل متعاطيها يضيع الكثير من أمواله في هذه السموم التي تفسد عليه معيشته وقد يبيع ضروريات حياته وقد يأخذ قوت أولاده وقد يعتدي على مال زوجته وقد يترك أهله جياعا وقد يقترض من غيره قروضا لا طاقة له بسدادها كل ذلك من أجل شراء تلك المخدرات التي تعود عليه بأسوأ النتائج.
وفوق ذلك فإن انتشار المخدرات في أية أمة يؤدي إلى ضعف إنتاجها بسبب شيوع روح الكسل والعجز بين أبنائها كما يؤدي إلى ضياع عشرات أو مئات الملايين من العملة الصعبة من أموالها مع أنها في حاجة شديدة إلى هذه الملايين لسداد ديونها أو لزيادة إنتاجها أو لإنفاقها في الوجوه التي تعود عليها بالخير والتقدم، وأشقى الأمم أمة تنفق الكثير من أموالها في الشر لا في الخير وفيما يضرها لا فيما ينفعها.
جـ) وذكروا من أضرارها الاجتماعية: أنها على رأس الأسباب التي تؤدي إلى تفكك الأسرة وإلى شيوع ما هو أبغض الحلال إلى الله تعالى -وهو الطلاق- وإلى عدم الشعور بالمسؤولية نحو الأبناء، وكيف يكون عند متعاطي المخدرات شعور بالمسؤولية نحو أسرته وهو يفقد هذا الشعور نحو نفسه، ومن القواعد المقررة أن فاقد الشيء لا يعطيه.
د) ولا أريد أن أتوسع في الكلام عن أضرار المخدرات من الناحيتين: الدينية والخلقية، فإن ذلك معروف للعام والخاص، ويكفي أن المتعاطي لهذه السموم قلما يحافظ على فرض من فرائض الله تعالى، وقلما يعتنق مكرمة من مكارم الأخلاق، ولقد قال فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت -رحمه الله- في إحدى فتاواه: والحشيشة تذهب بنخوة الرجال والمعاني الفاضلة في الإنسان وتجعله غير واف إذا عاهد وغير أمين إذا ائتمن وغير صادق إذا حدث، وتميت في الإنسان الشعور بالمسؤوليات والشعور بالكرامات وتملؤه رعبا ودناءة وخيانة لنفسه ولمن يعاشر، وبذلك يصبح عضوا فاسدا موبوءً في المجتمع.
4- وانتشار المخدرات في أمة له أسباب كثيرة من أهمها:
أ) ضعف الوازع الديني في النفوس، ومتى ضعف الوازع الديني في النفس البشرية أقدمت على اقتراف ما نهى الله عنه بلا خوف أو حياء واستحبت العمى على الهدى وسارت في طريق المعاصي والشهوات والرذائل متبعة في ذلك الهوى والشيطان وكانت عاقبتها الخسران والبوار، وصدق الله إذ يقول: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى[٣٧] وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا[٣٨] فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى[٣٩] وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى[٤٠] فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى[٤١]﴾ [النازعات: 37 - 41].
ب) وجود المال بكثرة في أيدي بعض الطوائف الجاهلة التي لم تشكر الله تعالى على نعمة المال ولم تستعمله في وجوهه المشروعة ولم تجمعه من طرقه الحلال، والمال إذا وجد في يد الإنسان الأحمق الجاحد لنعم الله أهلك وأباد، وإذا وجد في يد الإنسان العاقل الشاكر لنعم الله نفع وأفاد، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: «إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم أن لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو طيب النية يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته، فوزنهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط في ماله بغير حق لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم أن لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله لا مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان -أي بعمل فلان الجاهل الفاجر- فهو بنيته، فوزرهما سواء»، ونحن نشاهد في زماننا هذا أعدادا كبيرة من الذين يحترفون أعمالا تجارية أو صناعية أو يدوية معينة كثر المال بين أيديهم ولكنهم لجهلهم وسوء خلقهم وجحودهم لنعم الله تعالى استعملوا جانبا كبيرا من هذا المال الذي هو أمانة ونعمة في أيديهم في تعاطي تلك المخدرات التي هي تدمير للأفراد والجماعات.
جـ) الجهل وعدم الشعور بالمسؤولية والاستخفاف بما يجب على الإنسان نحو وطنه ونحو نفسه ونحو أسرته من سلوك حميد ومن فعل طيب ومن عمل نافع يؤدي إلى زيادة الإنتاج وإلى رقي الأمم وتقدمها وجعل كلمتها هي العليا وكلمة أعدائها هي السفلى، ومتى كثر الجهل وعدم الشعور بالمسؤولية في أمة كان أمرها فرطا وتحولت المفاسد في نظر جهلائها وسفهائها إلى محاسن وصدق الله إذ يقول: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[٨]﴾ [فاطر: 8]، وهل هناك من جهل أو سفاهة أشد من اعتقاد المتعاطين لهذه السموم أنها تبعث فيهم السرور وتنسيهم الهموم وتقوي فيهم الغرائز الجنسية، إن العقلاء في كل زمان ومكان يحتقرون تلك المعتقدات الهابطة والأفكار السيئة والمسالك القبيحة التي يكذبها الثقات من أولي العلم.
د) كذلك من الأسباب التي أدت إلى انتشار المخدرات توهم كثير من الذين يتعاطونها أنه لم يرد نص شرعي بتحريمها حيث إن النصوص الشرعية وردت بتحريم الخمر ولم تشر إلى تحريم المخدرات التي من بينها الحشيش والأفيون وما يشبههما، وهذا التوهم فاسد وخاطئ لوجوه من أهمها: أ) إن المخدرات لم يرد تحريمها بأسمائها المعروفة الآن لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة؛ لأنها لم تكن موجودة لا في العهد النبوي ولا في عهود الصحابة ولا عصر الدولة الأموية ولا معظم عهود الدولة العباسية، وإنما هذه المخدرات ظهرت في خلال القرن السادس أو السابع الهجري على أيدي التتار الذين عرفوا آثارها السيئة فأخذوا في إرسالها سرا عن طريق جواسيسهم إلى من يريدون محاربتهم حتى يصاب الجيش المعادي لهم بالخمول والكسل فيسهل عليهم الانتصار عليه، ويرى بعض المؤرخين أن الحشيشة قد عرفت في سنة 685 هـ ببلدة خراسان على يد شيخ من المتصوفة يدعى حيدر، ويرى آخرون أن انتشار الحشيش في العالم العربي يرجع إلى طائفة الحشاشين التي كان يتزعمها حسن بن الصباح في أواخر القرن الخامس وكان قادة هذه الطائفة يقدمون الحشيش لأتباعهم حتى يقوموا بالاغتيال والقتل وهم في غير وعيهم، وسواء أكان ظهور هذه المخدرات على أيدي التتار أم غيرهم فإن من المتفق عليه بين الجميع أن هذه السموم لم تكن معروفة لا في العهد النبوي ولا في عهود الصحابة ولا في عهود الدولة الأموية.
ب) ليس عدم ورود تحريمها في الكتاب أو السنة يعني أنها حلال؛ لأن التحريم للشيء قد يكون بنص أو إجماع أو قياس، والقياس معناه: إلحاق أمر لم يرد في حكمه الشرعي نص من القرآن أو السنة بأمر آخر ورد في حكمه الشرعي نص لاشتراك الأمرين في علة الحكم، قال الإمام القرطبي في تفسيره جـ 6 ص 289: «لو التزمنا أن لا نحكم بحكم حتى نجد فيه نصا لتعطلت الشريعة، فإن النصوص قليلة وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة»، وأركان قياس المخدرات في التحريم متوافرة؛ إذ المخدرات كالخمر في الإسكار وحجب العقل والذهاب به وإضاعة المال والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وما دام الأمر كذلك انسحب حكم الخمر وهو التحريم على المخدرات لاشتراكهما في الحكم، ولقد أجاد فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت في توضيحه لهذه الحقيقة حيث قال: «هذه الأضرار التي ظهرت للخمر وعرفها الناس هي مناط تحريمها، وإذا كانت هذه الآثار الضارة المتعددة النواحي هي مناط التحريم كان من الضروري لشريعة تبنى أحكامها على حفظ المصالح ودفع المضار أن تحرم كل مادة من شأنها أن تحدث مثل تلك الأضرار أو أشد سواء أكانت تلك المادة سائلا مشروبا أم جامدا مأكولا أم مسحوقا مشموما، وهذا طريق من طرق التشريع الطبيعية عرفه الإنسان منذ أدرك خواص الأشياء وقارن بعضها ببعض وقد أقره الإسلام طريقا للتشريع وأثبت به حكم ما عرف للذي لم يعرف لاشتراكهما في الخواص، ومن هنا لزم ثبوت تلك الأحكام في كل مادة ظهرت بعد عهد التشريع وكان لها مثل آثار الخمر أو أشد، ومن الواضح أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «كل مسكر حرام» لا يقصد به مجرد التسمية؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس واضع أسماء ولغات، وإنما القصد منه أنه يأخذ حكم الخمر في التحريم والعقوبة.
وإذا كان من المحس المشاهد والمعروف للناس جميعا أن المخدرات كالحشيش والأفيون والكوكايين لها من المضار الصحية والعقلية والروحية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية فوق ما للخمر كان من الضروري حرمتها في نظر الإسلام إن لم يكن بحرفية النص فبروحه وبمعناه وبالقاعدة العامة الضرورية التي هي أول القواعد التشريعية في الإسلام وهي دفع المضار وسد ذرائع الفساد»[4].
وبذلك نرى أن ما زعمه البعض من أن المخدرات لم يرد بتحريمها نص زعم باطل لا يؤيده عقل سليم أو نقل صحيح.
5- لقد أجمع الفقهاء القدامى والمحدثون على حرمة المخدرات بعد أن تبينوا آثارها السيئة في الإنسان وبيئته ونسله وعرفوا أنها فوق آثار الخمر الذي حرمته النصوص الواضحة في كتاب الله وسنة رسوله وحرمه النظر العقلي السليم، وأنهم لم يكتفوا بتحريم تعاطيها فحسب بل حرموا تعاطيها وإحرازها والمتاجرة فيها وجلبها من مكان لآخر والتستر على مروجيها وزراعتها أو صناعتها لغير غرض طبي نافع كما حرموا الجلوس في المجالس التي تتعاطى فيها المخدرات؛ لأنها مجالس فسق وفجور.
ومن العلماء القدامى الذين قالوا بحرمتها وبينوا مفاسدها الإمام ابن تيمية فقد قال في شأنها: «إن فيها من المفاسد ما ليس في الخمر فهي أولى بالتحريم، ومن استحلها وزعم أنها حلال فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين».
ومنهم أيضًا الإمام ابن القيم فقد قال: «يدخل في الخمر كل مسكر مائعا كان أو جامدا، واللقمة الملعونة لقمة الفسق والفجور -ويعني بها الحشيشة- وهذه اللقمة التي تذهب بنخوة الرجال».
ومن العلماء المحدثين الذين قالوا بحرمتها أيضًا فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف فقد قال في كتابه فتاوى شرعية ما ملخصه: «لم تعرف الحشيشة في الصدر الأول ولا في عهد الأئمة الأربعة وإنما عرفت في فتنة التتار بالمشرق، وهي مسكرة وفيها من المفاسد ما حرمت الخمر لأجلها، وضررها أشد من ضرر الخمر فمن تناولها وجب إقامة الحد عليه إذا كان مسلما يعتقد بحرمتها فإن اعتقد بحلها حكم بردته وتطبق أحكام المرتدين عليه».
6- ولقد أحسنت الحكومات الرشيدة صنعا حين أدركت ما لهذه المخدرات من آثار سيئة على الأفراد والجماعات واتخذت مختلف الوسائل للقضاء عليها، ونحن نشجعها على ذلك ونرى أن من أهم وسائل القضاء عليها ما يأتي:
أ) المداومة على إبراز مضار هذه المخدرات عن طريق المساجد ودور العلم والإذاعة المرئية والمسموعة وغير ذلك من الطرق التي بواسطتها يعرف العامة والخاصة مفاسدها وآثارها السيئة، وإنما قلت المداومة؛ لأن من شأن التكرار لبيان محاسن الشيء أو مساوئه أنه يعين على رسوخ فكرة واضحة عنه، والقرآن الكريم يقول: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ[٥٥]﴾ [الذاريات: 55].
ب) العزيمة الصادقة من رجال الشرطة المتخصصين في اتخاذ جميع الوسائل الكفيلة للقضاء على هذه السموم وعلى مصادرها وعلى مروجيها؛ وذلك لأن رجال الشرطة هم أقدر الناس على معرفة أنجح الوسائل للقضاء على هذه السموم، ويجب أن يتعاون جميع أفراد الأمة في ذلك مع رجال الشرطة عن طريق الإرشاد إلى مصادر هذه السموم وعدم التستر على المجرمين الذين يعملون على نشر هذه السموم أو تعاطيها.
جـ) إنزال العقوبة الرادعة بمن يتاجر في تلك السموم ويعمل على إشاعتها في المجتمع، وبمن يثبت تعاطيه لها وعدم إقلاعه عنها ولقد أحسنت حكومتنا صنعا حين قررت عقوبة الإعدام لمن يجلب هذه السموم أو يتاجر فيها، ولقد ورد إلى دار الإفتاء عدد من القضايا في هذا الشأن وأيدت أحكام الإعدام على الجالبين لتلك السموم أو مهربيها، ومن هذه القضايا القضية رقم 80 لسنة 1986 مخدرات النزهة، والتي اتهمت فيها النيابة العامة كلا من:
1- ز. ع. أ. سودانية الجنسية.
2- م. إ. ع. سودانية الجنسية.
3- ي. ع. ي. سوداني الجنسية.
4- ح. ع. م. صومالي الجنسية.
5- أ. ع. م. مصري الجنسية.
بأنهم جلبوا لداخل البلاد جوهرا مخدرا -هيروينا- دون الحصول على ترخيص كتابي، وشرعوا في تهريب البضائع المبينة الوصف بالأوراق، وبجلسة 22/ 12/ 1987 قررت المحكمة إحالة الأوراق إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي وحددت للنطق بالحكم فيها جلسة 26/ 1/ 1988، وقد كان رد دار الإفتاء كما يلي: إن الثابت من أقوال الفقهاء أن المخدرات بكافة أنواعها وأسمائها طبيعية أو مخلقة من أي مادة حرام ويحرم تعاطيها بأي وجه من وجوه التعاطي من أكل أو شرب أو شم أو حقن، وإذا كان ذلك تكون كل الوسائل المؤدية إلى ترويج المخدرات محرمة أيضًا سواء أكانت زراعة أم إنتاجا أم تهريبا أم اتجارا فالتعامل فيها على أي وجه مندرج قطعا في المحرمات باعتباره وسيلة إلى المحرم، وبعد أن ساقت دار الإفتاء بصورة مفصلة مقاصد الشريعة وأنواع العقوبات قالت: لما كان ذلك فإنه يجوز للمحكمة متى اطمأن وجدانها أن تنزل بالمتهمين في هذه الدعوى عقوبة التعزير حتى القتل وفقا لما تقتضيه مصلحة الفرد والجماعة حتى يكون في ذلك عظة وعبرة لأمثالهم المنحرفين المجرمين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
وبعد فهذه كلمة عن المخدرات وأضرارها، وأسباب انتشارها ووسائل علاجها، نسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه ونافعة لعباده.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
المبادئ 1- المخدرات بكافة أنواعها وأسمائها طبيعية أو مخلقة من أي مادة حرام، ويحرم تعاطيها بأي وجه من الوجوه، والتعامل فيها على أي وجه مندرج قطعا في المحرمات باعتباره وسيلة إلى المحرم.
بتاريخ: 28/11/1993
1) راجع كتاب: المخدرات في رأي الإسلام للدكتور حامد جامع والعقيد فتحي عيد صـ 12.
2) المجلة الجنائية القومية المجلد الثالث العدد الأول.
3) راجع كتاب: حكم تداول المخدرات صـ 71 وما بعدها للعميد عادل رسلان.
دار الإفتاء المصرية
رقم الفتوى: 2 س:133 تاريخ النشر في الموقع : 12/12/2017