مشروب الكينا داخل في نطاق الخمر
اطلعنا على كتاب السيد/وكيل المجلس الشعبي المحلي لحي وسط القاهرة المؤرخ 6 مايو سنة 1981 الذي جاء به أن المجلس أصدر بجلسته المعقودة في 30 ديسمبر سنة 1980 قراره التالي: «بعدم منح تراخيص بيع الخمور والمشروبات الروحية أو المحال العامة المصرح لها ببيع الخمور وشربها مع إلغاء جميع التراخيص السابق إصدارها بجميع أقسام حي وسط القاهرة، وذلك اعتبارا من أول يناير سنة 1981».
وانتهى الكتاب إلى السؤال التالي: هل مشروب الكينا بأنواعها وأسمائها المختلفة يدخل في إطار الخمور والمحرمات أم لا؟
إن الله سبحانه حرم الخمر قطعا وأمر باجتنابها باعتبارها رجسا نجسا في قوله جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[٩٠]﴾ [المائدة: 90]، ولما كانت العبرة في المحرمات ليس بالأسماء وإنما الاعتبار للمسميات، وهل تدخل في نطاق مواصفات التحريم الذي حكم الله به أم لا؟ ولما كانت العلة في تحريم الخمر الإسكار وكانت الخمر كما فسرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه[1] «ما خامر العقل».
وكان كل ما ينطبق عليه وصف الخمر وعلة تحريمه يسري عليه حكمها الثابت قطعا وهو التحريم في هذه الآية الكريمة، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
ولما كانت دار الإفتاء سبق أن أصدرت عدة فتاوى في شأن حكم مشروب الكينا بمختلف أسمائه التجارية منها الفتوى الصادرة بتاريخ [21] جمادى الأولى سنة [1396] هجرية و[20] مايو سنة [1976] ميلادية التي جاء[2] فيها أنه ثبت من التقرير المؤرخ [18]/[4]/[1976] الذي أرسلته إلينا الإدارة العامة للمعامل المركزية بوزارة الصحة بعد تحليلها لمشروب الكينا بمختلف أسمائه التجارية الواردة بالتقرير: أن هذا المشروب يحتوي على مادة الكحول الموجودة في الخمر المحرمة شرعًا بنسبة تتراوح ما بين [25]% و[35]% ولما كان كتاب الإدارة العامة لقطاع الصيدلة بوزارة الصحة المحرر في [27] يونيه سنة [1981] الرقيم [1252] الوارد لدار الإفتاء ردا على كتابها رقم [328] المؤرخ [2] يونيه سنة [1981] في شأن مشروب الكينا ونسبة مادة الكحول فيه قد جاء به: «أن الكينا تعتبر من الخمور وتنظمها المواصفات القياسية رقم [189] لسنة [1962] بشأن المشروبات الكحولية الصادرة من وزارة الصناعة، كما أنه قد صدر القانون رقم [63] لسنة [1976] باعتبار الكينا من المشروبات الكحولية وبأنها لا تعتبر من الأدوية، لما كان ذلك وكان تقرير أهل الخبرة قد انتهى إلى أن مشروب الكينا يعتبر من الخمور ومن المشروبات الكحولية، وقد اعتبرها القانون من هذا القبيل أيضًا، ومن ثم صارت بهذا كله من الخمور دون اشتباه.
ولما كانت[3] الأحاديث الشريفة قد وردت وفيرة مقررة مؤكدة أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، وفي شأن بيع الخمور بوصفها العنواني العام جاء الحديث الشريف[4]: «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه».
وإذا كان مشروب الكينا بكافة أنواعه وأسمائه داخلا في نطاق الخمر بمقتضى تلك التقارير وبنص القانون، وأنه ليس من الأدوية كانت الكينا باعتبارها مادة كحولية مسكرة محرمة بنص آيات القرآن الكريم وبالسنة الشريفة وبإجماع المسلمين، لا يدفع عنها وصف التحريم تسميتها بغير اسمها.
هذا وإن هذا القرار الذي أصدره المجلس الشعبي لحي وسط القاهرة في شأن الخمور -حسبما جاء بكتابه المرقوم- ليرضى عنه الله ورسوله وصالح المؤمنين؛ لأنه تنفيذ لأوامر الله ودفع لإثم ومنع لكبيرة من الكبائر، نرجو الله أن يوفق أولي الأمر في اتخاذ مثل هذا القرار وتنفيذه على كافة المستويات طاعة لله ورسوله ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ[٥٢]﴾ [النور: 52].
والله سبحانه وتعالى أعلم.
المبادئ:-
1- العبرة في المحرمات ليست بالأسماء، وإنما بالمسميات.
2- مشروب الكينا يعتبر من الخمور ومن المشروبات الكحولية وليس من الأدوية بتقرير أهل الخبرة وبنص القانون.
3- الكينا باعتبارها مادة كحولية مسكرة داخلة في نطاق الخمر ومحرمة بنص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، ولا يدفع عنها وصف التحريم تسميتها بغير اسمها.
بتاريخ: 28/7/1981
1) نيل الأوطار للشوكاني جزء 8 صفحة 176.
3) نيل الأوطار للشوكاني جزء 8 صفحة 179/صفحة 180.
4) رواه أبو داود /المنتخب من السنة المجلد التاسع س138 المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
دار الإفتاء المصرية
رقم الفتوى: 300 س:105 تاريخ النشر في الموقع : 12/12/2017