• حكم الموديل العاري

    طلب اتحاد طلاب كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية جامعة حلوان بكتابه المؤرخ 4/ 2/ 1979 الإفادة عن الحكم الشرعي في الموديل العاري الذي تستخدمه كليات الفنون الجميلة وهو رسم أو عمل تمثال للشخص العاري سواء كان ذلك الموديل رجلا أو امرأة متخليا أو متخلية عن كل ما يستر العورة أو نصف عار بحجة دراسته للنسب الإنسانية أو الإحساس ببروزاته، وهل يباح اتخاذ هذا الموديل الإنساني العاري لهذا الغرض أو يحرم؟

    إن الله سبحانه كرم الإنسان بنوعيه الذكر والأنثى وصانه عن التبذل والمهانة فقال سبحانه: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31].

    وفي سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59]، وفي سورة النور: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[٣٠] وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[٣١]﴾ [النور: 30 - 31].

    وقد جرت السنة الشريفة مبينة أنه لا يحل للرجل المسلم أن يتجرد من ثيابه حتى تظهر عورته، وهي ما بين السرة والركبة من جسده، وأنه لا يحل للأنثى متى بلغت شرعًا بالحيض أو السن أن تتجرد من ثيابها إلا أمام زوجها، بل إنه لا يحل لمحارمها كالأب والابن والأخ أن يطلع على ما بين سرتها وركبتها، وإنما هذا لزوجها فقط على ما تدل عليه صراحة هذه الآيات الكريمة، وما رواه أبو داود عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- «أن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه».

    ومن أجل هذا أجمع جمهور الفقهاء على أن جميع بدن الأنثى لا يحل كشفه ونظر الغير إليه فيما عدا الوجه والكفين، ووقع الخلاف في القدمين، هل هما مما لا يحل كشفه أو مما يجوز؟ وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أن جميع بدن الأنثى لا يحل لها كشفه لغير من ذكروا في الآية الأخيرة، ذلك حكم الله أنزله في كتابه وعلى لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومن ثم واتباعا لأمر الله لا يحل للأنثى أن تتجرد من ثيابها كليا أو جزئيا ولا يحل للذكر أن يتجرد من ثيابه حتى تبدو سوأته -ما بين سرته وركبته- إلا لضرورة كالعلاج بمعرفة طبيب مثلا، أما في غير ضرورة فلا يحل شيء من هذا.

    وليس من الضرورات هذا الموديل العاري للأنثى والذكر إذ لا ضرورة فيه.

    وللرسام أن يلجأ إلى رسم الأزهار والأشجار وغيرها مما أباح الله لعباده وفيها من الجمال ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريا، بل إن الله قد امتن على آدم وحواء بستر جسديهما حين خلقهما وحذرهما من الأكل من الشجرة وعاتبهما على مخالفته وأكلهما منها حتى بدت سوءاتهما، ولعل في لفظ السوءة ما يشعر بقبح النظر إلى ما أوجب الله ستره عن الأنظار، لما كان ذلك فإنه لا يحل شرعًا تجريد الأنثى من ثيابها ولا تجريد الذكر مما يستر ما بين سرته وركبته إلا لضرورة العلاج والتداوي فقط، وإنه لحق على أولياء الأمور -ونحن نبني بلدنا على الخلق القويم في نطاق العلم والإيمان- أن نرقي الذوق ونبرز عظمة خلق الله فيما أباحه الله لا فيما حرمه، وليذكر الجميع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما رواه النسائي وابن حبان في الصحيح عن أنس أنه قال: «إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته».

    والله سبحانه وتعالى أعلم.

    المبادئ 1 - لا يحل شرعًا تجريد الأنثى من ثيابها ولا تجريد الذكر مما يستر ما بين سرته وركبته إلا لضرورة وليس من الضرورة ما يسمى (الموديل العاري) للذكر والأنثى.

    2 - للرسام أن يلجأ إلى الطبيعة ففيها من الجمال ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريا.

    بتاريخ: 24/3/1979

    دار الإفتاء المصرية

    رقم الفتوى: 252 س: 105 تاريخ النشر في الموقع : 12/12/2017

    المفتي: جاد الحق علي جاد الحق
    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة