حكم تحويل المسجد القديم إلى دار للقرآن الكريم
اطلع مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية على السؤال الوارد من عطوفة أمين عام وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، حيث جاء فيه: أرجو من سماحتكم التكرم بالعلم بأن بعض المساجد القديمة لا تُقام فيها الصلاة بسبب بناء مساجد جديدة بالقرب منها، فأرجو بيان الحكم الشرعي في تحويل هذه المساجد إلى دور للقرآن الكريم أو مراكز إسلامية؟
الأصل المقرر عند الفقهاء أن الموقوف لا يجوز بيعه ولا هبته ولا استبداله؛ لأنه خرج عن ملك الواقف، فلا يجوز له أن يتصرف فيه بأي وجهٍ من وجوه التصرف التي تُبطل نفعه، لكن بعض الفقهاء استثنى صورًا يجوز فيها استبدال الوقف لضرورة الانتفاع وتحقيق المصلحة، وهو قول الحنابلة، كما قال الإمام المرداوي: "كل وقفٍ خِيفَ تعطل نفعه قريبًا بيع، جزم به في الرعاية، وهو قوي جدًّا إذا غلب على ظنه ذلك". "الإنصاف" (7/ 103)، وليس المقصود بتعطل منافعه خرابه فقط، بل كل ما يمنع استيفاء منفعة الوقف داخل فيه، جاء في "الإنصاف" (7/ 103): "المراد بتعطل منافعه: المنافع المقصودة، بخراب أو غيره، ولو بضيق المسجد عن أهله... أو بخراب محلته".
وتعطل إقامة الصلاة في المساجد القديمة -كما ورد في السؤال- يمكن أن يخرج على ما ذكره فقهاء الحنابلة في النقول السابقة.
وبناء عليه، فلا مانع من تحويل هذه المساجد إلى دور للقرآن الكريم للانتفاع بها بدلًا من تعطلها، ويكون ذلك بإشراف لجان شرعية تتثبت من انطباق الشروط السابقة التي ذكرها الفقهاء.
ومع ذلك فالأولى أن تحتاط وزارة الأوقاف، فلا تلغي أحكام المساجد عنها، وفي الوقت نفسه تنتفع بها في تحفيظ القرآن الكريم، ولا تعارض بين الأمرين، خاصة مع إمكان الحاجة إلى فتحها أمام المصلين في المستقبل إذا ضاقت المساجد الأخرى.
والله تعالى أعلم.
بتاريخ: 27/ ذي القعدة/ 1434هـ، الموافق: 3/ 10/ 2013م.
مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية
رقم الفتوى: 190 (10/2013) تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017