حكم الأكل من الأضحية المنذورة
نذرتُ أن أُضحي بعجلٍ، فقلت: لله عليَّ أن أذبح عجلًا أضحيةً. فهل يجوز لي أن آكل منها وأُطعم عيالي؟
الأكل من الأضحية المنذورة من المسائل الخلافية بين الفقهاء، وذلك لتنازعها بين شبهين: شبه الأضحية التي يُسن أكل ثلثها للمُضحي ولأهل بيته، وشبه النذر الذي يعني النزول عن الذبيحة لله تعالى، ومقتضى هذا النزول أن لا يأكل الناذرُ شيئًا.
فذهب الحنفية والشافعية إلى تحريم الأكل من الأضحية المنذورة، كما يقول الإمام الرملي رحمه الله في تعليقه على قول مَن فصَّل فأجاز الأكل من النذر في بعض صوره: "وبالجملة فالمذهب منع الأكل من الواجبة مطلقًا، كما لا يجوز له أن يأكل من زكاته أو كفَّارته شيئًا" انتهى من حاشيته على "أسنى المطالب" (1/ 545).
وذهب المالكية والحنابلة إلى جواز الأكل منها، كما قال الدسوقي في "الحاشية": "النذر إن لم يُعينه ولم يُسمه للمساكين كان له الأكل منه مطلقًا".
وقال البهوتي: "قال أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثلث، ويُطعم مَن أراد الثلث، ويتصدق بالثلث على المساكين، ولو كانت الأضحية منذورةً أو معينةً، وهو قول ابن مسعود، وابن عمر، ولا يُعرف لهما مُخالف من الصحابة، ولقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36]، والقانع: السائل. والمُعتر: الذي يعتريك، أي: يتعرض لك لتُطعمه، ولا يسأل".
والذي نراه في مثل حالة السائل أن لا حرج عليه في الأكل من أضحيته المنذورة؛ تغليبًا لأحكام الأضحية، وكما قال ابنُ قدامة رحمه الله في معرض ذكر أدلة الحنابلة على الجواز: "ولنا أن النذر محمولٌ على المعهود، والمعهود من الأضحية الشرعية ذبحها والأكل منها، والنذر لا يُغير صفة المنذور إلا الإيجاب"، إذ لا خلاف على وجوب الأضحية على الناذر.
والله أعلم.
بتاريخ: 2/ محرم/ 1435هـ، الموافق: 6/ 11/ 2013م.
مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية
رقم الفتوى: 192 (12/2013) تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017