تحديد هلال شهر ذي الحجة
استفسار حول تحديد هلال شهر ذي الحجة.
بعد مناقشة الموضوع وتداول الآراء حوله قرر المجلس ما يلي[1]:
تأكيد ما جاء في قراره المتخذ في الدورة العادية الثالثة المتعلقة بإثبات الشهور القمرية وخصوصًا شهر رمضان بأنه يثبت دخول شهر رمضان والخروج منه بالرؤية البصرية سواء كانت بالعين المجردة أم بواسطة المراصد، إذا ثبتت في أي بلد إسلامي بطريق شرعي معتبر، عملًا بالأمر النبوي الكريم الذي جاء به الحديث الصحيح: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا»[2]، و«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ»[3]. وهذا بشرط ألا ينفي الحساب الفلكي العلمي القطعي إمكان الرؤية في أي قطر من الأقطار. فإذا جزم هذا الحساب باستحالة الرؤية المعتبرة شرعًا في أي بلد، فلا عبرة بشهادة الشهود التي لا تفيد القطع، وتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب، وذلك لأن شهادة الشهود ظنية، وجزم الحساب قطعي، والظني لا يقاوم القطعي فضلًا عن أن يقدم عليه باتفاق العلماء.
بناء على هذا يرى المجلس أن هذا المبدأ وهو: اعتماد الرؤية البصرية بشرط عدم نفي الحساب القطعي لها - ينطبق على إثبات دخول جميع الشهور القمرية ومنها شهر ذي الحجة وما يتعلق به من صوم عرفة وشعائر عيد الأضحى. أما الذين يوجدون في مكة المكرمة لأداء فريضة الحج فيلتزمون -باتفاق العلماء- بالإثبات الشرعي الذي تصدره الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية. على أنه إذا وقع إثبات هلال ذي الحجة بمجرد الرؤية البصرية في مكة المكرمة مع مخالفته الحساب القطعي، وأخذ به من هم في خارج مواطن الحج كالبلاد الأوروبية؛ فإنه لا يسوغ الإنكار عليهم لأنه أمر اجتهادي مختلف فيه، ومن المقرر لدى الفقهاء أنه لا إنكار في المسائل المختلف فيها. والتنازع والاختلاف المؤدي إلى الفرقة والجدل منهي عنه شرعًا بقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران:103]، وبقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال:46].
من قرارات الدورة التاسعة/باريس - فرنسا/3-7 جمادى الأولى 1423هـ، الموافق لـ 13-17 يوليو 2002م.
[1] أصدر المجلس قرارًا تكميليًا لهذا القرار: انظر قرار 43 (4/11).
[2] أخرجه مسلم (كتاب الصيام - باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال 2/760) من حديث عبد الله بن عمر، و(2/762) من حديث أبي هريرة.
[3] متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1810) ومسلم (رقم: 1081/18) من حديث أبي هريرة.