أسئلة عن التوبة والتكليف بعد الموت
هل هناك بعد الموت عمل وتكليف؟ وهل هناك بعد الموت ذنوب؟ وهل بعد البعث عمل وذنوب وتكليف؟ وهل إذا نوى التوبة عن ذنب ما ينوي التوبة على الدوام طول حياته وبعد موته إلى ما لا نهاية؟ ويقول بأن الحديث الذي قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
وقد طلب شرحا لهذا الحديث مع بيان ما ورد في الحديث الآخر: «كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم الحساب».
نجيب على الملحوظة الأولى بالآتي: إن الإنسان إذا مات وزالت روحه من جسده أصبح ميتا، ولا يوجد بعد الموت تكليف ولا يوجد بعد الموت ذنوب؛ لأنه بمجرد موته يسأل عن عمله في دنياه بعد موته قبر أم لم يقبر، ويجازى بالخير خيرا وبالشر شرا، وإن الإنسان إذا مات إما أن يكون في نعيم أو عذاب، وإن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وإن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وإنها تتصل بالبدن أحيانا، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا[من] قبورهم لرب العالمين، ولا يوجد بعد البعث أيضا عمل ولا تكليف ولا ذنوب.
أما بالنسبة للتوبة قبل موته لو تاب الإنسان ورجع إلى الله توبة نصوحا ولم يرجع إلى هذا الذنب أبدا فسيغفر الله ذنوبه، والتوبة تكون طوال حياته.
أما بالنسبة للملحوظة الثانية فنجيب عليها بالآتي: إن الحديث الأول وهو: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... إلخ» فهذا الحديث عام لجميع الناس؛ لأن الميت ينتفع بما كان سببا فيه من أعمال البر في حياته، وكذلك ينتفع من أعمال البر الصادرة عن غيره مثل الدعاء والاستغفار والصدقة، فبموته تنقطع أعماله ما عدا الصدقة الجارية فإنه يأخذ ثوابا في الآخرة على فعله عنها، وكذلك العلم الذي علمه للناس، وكذلك الدعاء من الولد الصالح، فهذه الأعمال الثلاثة تزيد في حسناته وينتفع بها في الآخرة، أما بالنسبة لحديث المرابط، فما جاء به فهو فضيلة خاصة بالمرابطين الذين أنزل الله فيهم هذه الآية الكريمة في كتابه العزيز ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[١٦٩] فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[١٧٠] يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ[١٧١]﴾ [آل عمران: 169 - 171] أما قوله في الحديث: «ويجري عليه رزقه» فهذا لقوله تعالى: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ ، أما أنه ينمى عمله، فهذا يدل على أن[عمل] المرابط يزداد وينمو حتى يوم القيامة، وهذا يدل على أنه أخذ جزاء عمله في الدنيا، وزاد عليه فضل الله بالنسبة للمرابط.
المبادئ:-
1- تواترت الأدلة القاطعة على أنه لا يوجد بعد الموت تكليف لأن الإنسان إذا مات إما أن يكون في نعيم أو عذاب.
2- من المتفق عليه أن العبد إذا تاب ورجع إلى الله غفر الله له.
دار الإفتاء المصرية
رقم الفتوى: 474-1 لسنة 1997 تاريخ النشر في الموقع : 15/12/2017