التوبة من الكبائر
سئل عن بيان الحكم الشرعي في رسالته المرفقة، والمتضمنة أن شخصا ما قد اقترف الفاحشة في حياته أكثر من مرة، والآن وقد مرض مرضا شديدا، ويرتعب من لقاء الله تعالى.
فهل تقبل توبته؟ علما بأن مرضه الذي يعاني منه يمنعه من معاشرة زوجته.
الله تبارك وتعالى رحيم بعباده لطيف بهم. قال تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[٥٣]﴾ [الزمر: 53].
فالله تعالى واسع المغفرة، فإذا تاب العبد إلى ربه ورجع قبل الله تبارك تعالى توبته حتى لو ارتكب أشنع الخبائث؛ لأن رحمته وسعت كل شيء في الأرض وفي السماء.
قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ[٢٥]﴾ [الشورى: 25]. والكافر إذا تاب إلى ربه وأسلم قبل الله تعالى توبته.
قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ[٣٨]﴾ [الأنفال: 38].
فمن باب أولى إذا ارتكب المسلم معصية كبيرة أو صغيرة ثم تاب إلى ربه قبله الحق تباركت أسماؤه، وباب التوبة مفتوح لن يغلق أبدا إلا بعد أن تصل الروح إلى الحلقوم.
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا[١٧] وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ﴾ [النساء: 17 - 18].
وقال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر».
وليس ذلك فحسب بل إن حسنت توبة الإنسان فإن الله عز وجل في علاه يبدلها له حسنات؛ لقوله في سورة الفرقان في صدد الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا[٦٨] يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[٦٩] إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[٧٠]﴾ [الفرقان: 68 - 70]. فالتوبة إن حسنت فهي مقبولة بإذن الله تعالى ورحمته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
المبادئ:-
1- الله تعالى واسع المغفرة إذا تاب العبد إليه ورجع قبل الله تبارك وتعالى توبته حتى لو ارتكب أشنع الخبائث؛ لأن رحمته وسعت كل شيء.
2- الكافر إذا تاب إلى ربه وأسلم قبل الله تعالى توبته.
3- إذا ارتكب المسلم معصية كبيرة أو صغيرة ثم تاب إلى ربه قبله.
4- باب التوبة مفتوح لا يغلق أبدا إلا بعد أن تصل الروح إلى الحلقوم.
5- التوبة إن حسنت فهي مقبولة بإذن الله تعالى ورحمته.
دار الإفتاء المصرية
رقم الفتوى: 2322 لسنة 2003 تاريخ النشر في الموقع : 15/12/2017