• حكم صناعة التماثيل

    وردنا السؤال التالي: تهدي سفارة جمهورية السنغال بالقاهرة أطيب تحياتها إلى دار الإفتاء المصرية بالقاهرة، وترجو التكرم بإصدار فتوى بخصوص صناعة تماثيل مكتملة؛ الغرض منها تشجيع السياحة وجذب السائحين إلى السنغال.

    تحرم صناعة التماثيل والتجارة فيها إذا كانت لذوات الأرواح كالإنسان والحيوان، وكانت تامة الأجزاء الظاهرية، ولم تكن هناك مصلحة تدعو إليها وكانت من مادة تبقى مدة طويلة كالخشب والمعدن والحجر؛ لما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن أبي الحسن قال: "كنت عند ابن عباس -رضي الله عنهما- إذ أتاه رجل فقال: يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، سمعته يقول: «من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا» فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، فقال: ويحك! إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح.

    وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على حرمة التصوير وقد فسره جمهور الفقهاء بصناعة التماثيل كما هو مفهوم من سياق الحديث السابق.

    وكما تحرم صناعتها والتجارة فيها يحرم كذلك اتخاذها واقتناؤها؛ وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي -رضي الله عنه- قال: قال لي علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-؛ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته"، والأمر بطمسها يتنافى مع اتخاذها واستبقائها.

    هذا إذا كان التمثال كاملا لا نقص فيه، أما إن كان غير مكتمل بحيث لا يمكن لصاحب الصورة أن يبقى على هيئتها حيا فإنه يكون جائزا صناعة وتجارة واتخاذا لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة» رواه أبو داود والترمذي، وجاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا ومرفوعا عند البيهقي وغيره: «الصورة الرأس؛ فإذا قطع الرأس فلا صورة».

    قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (7/ 216، ط. دار إحياء التراث العربي): "إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان" اهـ.

    وقد استثنى الفقهاء من حرمة التماثيل ما كان فيه مصلحة، كلعب الأطفال ووسائل الإيضاح في التعليم، لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أقر وجود العرائس عند عائشة -رضي الله عنها-، وأجاز أصبغ بن الفرج من المالكية اتخاذ التماثيل إذا كانت من نحو حلوى أو عجين.

    وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجوز صناعة التماثيل المكتملة من المواد التي تبقى لمدد طويلة لذوات الأرواح من إنسان أو حيوان، أما التماثيل غير المكتملة أو تلك التي فيها عيب يمنع بقاء الحيوان على هيئتها في الطبيعة حيا، أو تلك التي لا يوجد حيوان على هيئتها في الطبيعة، أو تلك التي صنعت من مواد لا تبقى كالعجين مثلا، أو تلك التي تتخذ لمصلحة معتبرة شرعا كالأغراض التعليمية أو لعب الأطفال، أو غير ذلك مما لا تنطبق عليه شروط الحرمة فجائز شرعا.

    والله سبحانه وتعالى أعلم
    المبادئ:-
    1- تحرم صناعة التماثيل والتجارة فيها إذا كانت لذوات الأرواح كالإنسان والحيوان.

    2- تجوز صناعة التماثيل غير المكتملة التي فيها عيب يمنع بقاء الحيوان على هيئتها في الطبيعة حيا، أو التي لا يوجد حيوان على هيئتها في الطبيعة، أو التي صنعت من مواد لا تبقى كالعجين، أو التي تتخذ لمصلحة معتبرة شرعا كالأغراض التعليمية أو لعب الأطفال.

    دار الإفتاء المصرية

    رقم الفتوى: 12 لسنة 2010 تاريخ النشر في الموقع : 15/12/2017

    المفتي: علي جمعة محمد
    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة