• توقيت الصلاة والصيام في البلاد النائية

    التوقيت هنا في ألمانيا الغربية مشكلة، ففي فصل الشتاء معتدل وهو يشبه التوقيت في مصر وسوريا ولبنان مثلًا، أما في فصل الصيف والربيع فيقصر الليل كثيرًا ويطول النهار كثيرًا إلى درجة يحتار معها المسلم هنا كيف يحافظ على إقامة الشعائر الإسلامية من صلاة وصوم، ويوجد هنا مجموعة كبيرة من الإخوة المسلمين الأتراك منتشرين في برلين وفرانكفورت وغيرهما، وهم يصدرون رزنامات سنوية يعرف من خلالها هذا التوقيت الذي نحدثكم عنه الآن؛ ففي هذه الرزنامات -وهي المصدر الوحيد لمعرفة الوقت هنا- التوقيت الشتوي فيها يشبه التوقيت في القاهرة وسوريا وغيرهما أما في الصيف فالتوقيت هو كالآتي: يحين موعد أذان الظهر الساعة 12:30 بتوقيت القاهرة، وأما موعد أذان العصر فله توقيت مزدوج أحدهما الساعة الخامسة مساءً، والثاني الساعة السادسة مساءً بتوقيت القاهرة، وأما المغرب فيحين موعده الساعة 9:40 ليلًا بتوقيت القاهرة، وموعد أذان العشاء الساعة 12 ليلًا، وموعد أذان الصبح الساعة 12:30 ليلًا، أي بعد موعد أذان العشاء بنصف ساعة فقط. هذه هي مواقيت الصلاة هنا مما يترتب على المسلم حيرة ومشقة كبيرة نحوها في تأدية الصلاة، طبقًا لهذا التوقيت المذكور، والأهم من ذلك أيضًا هو أداء فريضة الصوم حيث إن المسلم يترتب عليه بناءً على هذا التوقيت أن يصوم من الساعة 12:20 ليلًا حتى الساعة 10 ليلًا، أي حوالي إحدى وعشرين ساعة ونصف الساعة صومًا، ولا يحل له الطعام والشراب ونحو ذلك إلا في خلال ساعتين ونصف فقط وهي المدة التي تفصل بين موعد أذان المغرب وموعد أذان الصبح.

    ولقد قرأنا في مجلتكم العزيزة (رسالة الصيام والزكاة) وهي ملحق لمجلة الوعي الإسلامي التي تصدرها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت الحبيب حول هذا الموضوع ما يلي: ذكر الفقهاء مسألة تقدير وقت الصيام في البلاد الغير معتدلة حيث يطول فيها الليل ويقصر النهار أو بالعكس ما يلي: قال البعض: تقدر أوقات الصلاة والصوم على أقرب البلاد المعتدلة إليهم، وقال البعض الآخر: تقدر على البلاد المعتدلة التي نزل فيها التشريع كمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وكل من الرأيين جائز، فإنه اجتهادي لا نص فيه، انتهى.

    وقرأنا أيضًا في كتاب فقه السنة لفضيلة الشيخ سيد سابق حول هذا الموضوع مثل ما جاء في مجلتكم العزيزة، وإننا نطلب منكم مشكورين ما يلي:

    (أ) هل يصح لنا ونحن هنا في جمهورية ألمانيا الغربية أن نصلي ونصوم على توقيت مكة المكرمة أو المدينة المنورة؟

    (ب) هل يجوز أن يكون لصلاة العصر توقيت مزدوج كما ذكرنا لكم في هذه الرسالة؟

    (ج) نرجو منكم شاكرين أن ترسلوا لنا ما يبين لنا ويعرفنا على المواقيت في مكة المكرمة أو المدينة المنورة في حال إذا كان يصح لنا أن نصوم ونصلي على توقيت مكة المكرمة أو المدينة المنورة؟

    إن استفتاءكم يدل على أن دورة الأرض اليومية حول محورها الشمس عندكم تتم في كل أربع وعشرين ساعة، وإذا كان الليل يطول في بعض فصول السنة ويقصر، إلا أن الأوقات الخمسة متعاقبة عندكم فلا مجال لإسقاط فرض من الفرائض وعلى كلٍّ فإن المطلوب هو بيان الصلاة وأحكام الصيام.

    أما ما يتعلق بالصلاة فإن أقصر ليلة في السنة -كما تقولون- تكون في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة فيمكنكم أن تصلوا المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير، أو أن تؤدوا كل فرض في وقته إن تيسر لكم ذلك من غير حرج، أما ما يتعلق بوقت العصر الأول والثاني فهذا مبني على خلاف بين أبي حنيفة وجمهور الأئمة بما فيهم صاحباه، فأبو حنيفة يرى أن وقت العصر يدخل من حين صيرورة ظل كل شيء مثليه سوى فيء (ظل) الزوال، وغيره من الأئمة يرون أن وقت العصر يدخل من حين صيرورة ظل كل شيء مثله سوى ظل الزوال، فالأولى أن تصلوا الظهر قبل العصر الأول وأن تصلوا العصر بعد أذان العصر الثاني ومع ذلك فلو صُلي العصر بعد العصر الأول فهو صحيح عند أكثر الأئمة، ولكم أن تأخذوا بأي رأي من هذه الآراء، ولعل إخواننا الأتراك أثبتوا هذا في رزناماتهم لأنهم يلتزمون مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه.

    وأما ما يتعلق بالصيام فإن طول النهار عندكم لا يبيح الفطر إلا إذا كان الشخص مريضًا لا يحتمل الصيام، وعندنا في المشرق نرى أن كثرة كثيرة من الناس يكتفون بوجبة واحدة في الصيام ومع ذلك يقومون بأعمال شاقة مع ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة شديدة، وعندكم وإن طال النهار فإن الجو لا يدعو إلى الشرب وهو أكثر ما يتشوق إليه الصائم -عادة- ولا بدَّ أن يراعى أيضًا أن هناك أيامًا في السنة كما في فصل الشتاء وآخر في الخريف يقصر فيها النهار قصرًا شديدًا، فليكن هذا بذاك.

    وأما الاعتماد على توقيت مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو أقرب بلد إسلامي فهذا وإن أجيز فهو لمن ينعدم الليل أو النهار تمامًا عنهم، كالمناطق القطبية التي يدوم فيها الليل أشهرًا والنهار أشهرًا، والمناطق القريبة منها التي قد يطول الليل فيها أياما والنهار أيامًا كشمال النرويج والسويد وليس الوضع عندكم كذلك.

    والله أعلم.
     

    مجموعة الفتاوى الشرعية

    رقم الفتوى: 61 تاريخ النشر في الموقع : 04/12/2017

    تواصل معنا

التعليقات