دفع الزكاة لإنشاء معهد طبي
هل يجوز صرف بعض أموال الزكاة لإنشاء معهد لأمراض الكبد -التي استشرى داؤها وكثرت ضحاياها- ولعلاج المحتاجين من المسلمين.
من مصارف الزكاة كما ورد في القرآن الكريم (سبيل الله).
وسبيل الله في الأصل كل عمل خالص يتقرب به إلى الله تعالى، والإجماع على أن الجهاد داخل في معنى (سبيل الله) ولكن هل يمنع غيره من أنواع البر أن تدخل فيه؟ فقهاء المذاهب الأربعة لا يرون الصرف من سهم (سبيل الله) في غير الجهاد، ولكن بعض العلماء قديمًا وحديثًا فسروا (سبيل الله) بما يشمل سائر المصالح والقربات وأعمال الخير والبر منهم الفخر الرازي في تفسيره، حيث قال: إن القفال نقل في تفسيره عن بعض الفقهاء، أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه البر، ولم يعقب الرازي على نقل القفال مما يوحي بميله إليه.
ومنهم السيد صديق حسن خان في كتابه (الروضة الندية) الذي قرر أن الجهاد وإن كان أعظم الطرق إلى الله، لكن لا دليل على اختصاص هذا السهم به، بل يصح صرف ذلك في كل ما كان طريقًا إلى الله.
ومنهم الشيخ رشيد رضا في تفسيره «المنار» الذي قرر أن سبيل الله يشمل سائر المصالح الشرعية العامة التي هي ملاك أمر الدين والدولة.
والشيخ محمد شلتوت أيد رأي الشيخ رشيد في كتابه (الإسلام عقيدة وشريعة) وأفتى بجواز صرف الزكاة لبناء المساجد والمستشفيات كما في كتابه (الفتاوى).
والشيخ حسنين مخلوف أفتى بجواز دفع الزكاة لبعض الجمعيات الخيرية الإسلامية مستندًا إلى ما نقله الرازي عن القفال وغيره في معنى سبيل الله.
وعلى هذا فإن الجهاد المعروف وإن كان هو المراد بسبيل الله في العصور الأولى لأنه كان أهم ميدان للدعوة ورد العدوان، فإن الله قد أمر بالإعداد للجهاد بما يستطاع من القوة، ولا شك أن أسلحة العدو ضد الإسلام والمسلمين تغيرت وتطورت فلا بدَّ من مواجهتهم بمثل أسلحتهم أو بأقوى منها، وسلاح العلم والبر والعلاج من أقوى الأسلحة التي يجب أن نواجه بها مخطط الأعداء.
ومن هنا يجوز صرف جزء من أموال الزكاة في بناء مستشفيات لعلاج الفقراء وللدراسة العلمية لابتكار أحدث الوسائل وأنجحها في مكافحة المرض، وهو بالتالي مكافحة للجهل ومكافحة للفقر أيضًا، والله ولي التوفيق.