هل الدراسة عذر في ترك الصوم؟
من تلميذ بمدرسة مسيحية في مصر: كنت السنة الماضية بإحدى المدارس الأميرية، وكنت أستيقظ (في رمضان) الساعة 8 ونصف، وأحضر من المدرسة، وأنام توًّا إلى المغرب ثم أفطر وأذاكر دروسي إلى الساعة 10 وأنام، وأستيقظ للسحور الساعة 3، وأنام ثانية الساعة 5 وأستيقظ صباحًا الساعة 8 ونصف وهلم جرًّا.
وأما في هذه السنة فأصبحتُ في مدرسة أهلية مسيحية، وأريد أن أشتغل في دروسي زيادة عن المطلوب، ولا يمكنني أن أنقطع عن الحصص أو بعضها؛ لأنني إذا فعلت ذلك لا يمكنني إلا أن أنقطع النهار كله، فإذا لازمت الطريقة التي كنت أفعلها وأنا في المدرسة الأميرية تعطلت عن المدرسة مدة شهر رمضان وناهيك بعطلة شهر للتلميذ، فأنا إذن ملزم بأن أستيقظ الساعة 7، وأحضر من المدرسة الساعة 5 تقريبًا، ولكنني لا أقدر أن أصوم مع الشغل طول النهار، فهل يجوز لي أن أفطر أم لا يا مولاي؟!
إن أكثر المسلمين يعملون في رمضان من أول النهار؛ أي قبل اشتغال المدارس بدروسها إلى قبيل المغرب، فلا أرى أن السائل وقع في عمل شاق لا يستطيعه الشاب في هذه الأيام القصيرة المعتدلة التي لا حرّ فيها، ولا زمهرير، وما هو إلا أن عادته تغيرت بعض التغيير، ولو كان رمضان في الصيف لكان تلامذة المدارس الأميرية يشتغلون بالمدرسة مع مكابدة مشقة الحر في الصيام أكثر مما يشتغل غيرهم في المدارس النصرانية الآن، ولا شك أن المسلمين منهم يصومون في الصيف كما يصومون في الشتاء.
وأعني بالمسلمين الذين عرفوا الإسلام وتربّوا عليه لا المسلمين الجغرافيين، الذين يعدون في إحصاء الحكومة المصرية بتسع ملايين، وأرى أنه عرض للسائل وهْم من زيادة الدراسة عليه في هذه السنة ساعتين وتوهم أن سيصيبه من ذلك الجهد والمشقة، وأن هذا عذر يبيح الإفطار ولا مشقة هناك تبيح الفطر في هذا العمل الاختياري إلا أن يكون هناك ضعف أو مرض.
وإنني أرجو الله تعالى أن يعينه إذا غلَّب دينَه وعقلَه على وَهْمِه، وجرّب وصام، فلا يجد من الجهد ما يتوهمه الآن[1].
[1] المنار ج6 (1903) ص823 يجب أن تكون صفحة 685.
فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا
رقم الفتوى: 1 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017