ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجلهم شرك
قال الفضيل بن عياض رحمه الله، ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجلهم شرك .. وأنا وإخوة لي كثير نضطر أحيانًا إلى ترك بعض السنن لأجل الناس مخافة؛ إما الفتنة لأنفسنا والضرب والإِهانة، وإما فتنة الناس لعامة الإِخوة وتشديد الحكومة عليهم. فبالله أستحلفك أنكون إذ ذاك قد وقعنا في مغبة الرياء؟ وإن كان ذلك واقعًا فما الخلاص منه؟
أما قوله: إن العمل من أجل الناس شرك فهو صحيح؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وتحريم الرياء، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم: الشرك الأصغر، وذكر أنه أخوف ما يخاف على أمته عليه الصلاة والسلام. وأما قوله: إن ترك العمل من أجل الناس رياء فليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل، والمعول في ذلك على النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى » [1] مع العناية بتحري موافقة الشريعة في جميع الأعمال؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد » [2] ، فإذا وقع للإِنسان حالة ترك فيها العمل الذي لا يجب عليه؛ لئلا يظن به ما يضره فليس هذا الرياء، بل هو من السياسة الشرعية، وهكذا لو ترك بعض النوافل عند بعض الناس خشية أن يمدحوه بما يضره أو يخشى الفتنة به، أما الواجب فليس له أن يتركه إلاَّ لعذر شرعي. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
1) صحيح البخاري بدء الوحي (1) ، صحيح مسلم الإمارة (1907) ، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647) ، سنن النسائي الطهارة (75) ، سنن أبو داود الطلاق (2201) ، سنن ابن ماجه الزهد (4227) ، مسند أحمد بن حنبل (1/43).
2) صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد بن حنبل (6/180).
فتاوى اللجنة الدائمة
رقم الفتوى: 3419 تاريخ النشر في الموقع : 19/01/2018