• حديث: «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى وَمَنَارًا» في طرة المنار

    المرجو من حضرة الأستاذ الحكيم العالم الرباني سيدي السيد محمد رشيد رضا أفندي أن يفيدني عن هذا الحديث: «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ» في أي كتاب من الكتب الحديثية المعتبرة هو؟ وفي أي باب هو؟ فصحيح هو أو ضعيف؟ ويشرح لي معناه. لا زال في مقام كريم، على رغم أنف كل حاسد لئيم، أمين. وقد رأيت في (الرحمة المهداة لمن يريد الزيادة على حديث المشكاة) لنجل المرحوم السيد صديق حسن خان ملك بهوبال في باب السلام حديثًا يخالف ما هو على طرة المنار الأغر «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى بَيِّنًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ» وهو طويل، ما أعلم هل الذي على طرة المنار له زيادة أم هو كما هو على طرة المنار، أرجو الإفادة عنه سيدي.
     

    ترون الحديث في الجامع الصغير باللفظ الذي ترونه في المنار، معزوًا إلى الحاكم عن أبي هريرة وبجانبه علامة الصحة، وترون بعده حديثًا آخر: «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى وَعَلامَاتٍ كَمَنَارِ الطَّرِيقِ، وَرَأْسُه وَجماعه شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَتَمَامُه الْوُضُوءِ» وهو معزو إلى الطبراني عن أبي الدرداء وبجانبه علامة الضعف. أما معناه: فالصُّوة بضم الصاد المهملة، كالكوّة: حجر يكون علامة في الطريق يهتدي به المارة. والجمع: صُوى ككوى، وهو جمع قياسي كغرفة وغرف

    قال في لسان العرب: وفي حديث أبي هريرة: «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ» ... قال أبو عمرو: الصُوى أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة، يهتدى بها. وقال الأصمعي: الصوى: ما غلظ من الأرض وارتفع، ولم يبلغ أن يكون جبلًا. قال أبو عبيد: وقول أبي عمرو أعجب إلي، وهو أشبه بمعنى الحديث، ا هـ. وقال في مادة (نور): والمنار والمنارة موضع النور. ثم قال أيضًا: والمنار العلم يوضع بين الشيئين من الحدود، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ» أي أعلامها، والمنار علم الطريق. وفي التهذيب: المنار: العلم والحد بين الأرضين. والمنار: جمع منارة وهي العلامة تجعل بين الحدين. ومنار الحرم: أعلامه التي ضربها إبراهيم الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام على أقطار الحرم ونواحيه، وبها تعرف حدود الحرم - إلى أن قال: وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى وَمَنَارًا» أي علامات وشرائع يعرف بها، ا هـ. ومنه يعلم أن تسمية ما يبنى في الموانئ ويوضع فيه النور لتهتدي به السفن ليلًا بالمنار، له وجهان:

    أحدهما أنه موضع للنور.

    وثانيهما: أنه علم يهتدى به.

    ولكن الناس يسمونه الفنار وهو لفظ أعجمي، لا يبعد أن يكون محرفًا عن المنار. ويصح أن تسمى الأعلام الحديدية التي توضع في السكك الحديدية لهداية الوابورات بالمنار أيضًا. هذا، وإننا قد اقتبسنا اسم المنار من الحديث الشريف تفاؤلًا بأن يكون مبينًا لصوى الإسلام، وناصبًا لأعلامه، وموضعًا لنور الحقيقة التي نحتاج إليها في حياتنا الملية والاجتماعية. والله الموفق والمعين[1].

    [1] المنار ج10 (1907) ص632-634.

    فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا

    رقم الفتوى: 244 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017

    المفتي: محمد رشيد رضا
    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة