مسألة الإمامة
إن رجلًا قطعت إحدى رجليه من فوق الكعب، وله قدم صناعية، وكان إمامًا في بلدة منذ سنين، والآن وقع خلاف بين علمائنا في صحة إمامته. فمن قائل: إنها لا تجوز، والأكثر على الجواز. ونحن لم نر في الكتب التي بأيدينا أن صحة القدم من شرط الإمامة، ولذا لا أرى بأسًا في إمامته متى وجد سائر الشروط المهمة، وأرجو من الأستاذ بيان ذلك أيضًا حتى يندفع الاختلاف بيننا.
الظاهر من السؤال أن الإمام المسؤول عن إمامته يأتي بأعمال الصلاة كلها تامّة، وحينئذ يكون موضعُ الوقفة في صِحّة إمامته كونَ إحدى رجليه من الخشب، وهذا لا يصلح مانعًا من صحة الإمامة. وقد ثبت في صحاح الأخبار والآثار اقتداء الناس بالإمام يصلي جالسًا للمرض، واختلف العلماء فيمن يقتدون به، فقال بعضهم: يصلّون قاعدين مثله، وادّعى ابن حزم إجماع الصحابة والتابعين على هذا. وقال بعضهم يصلون قائمين، وفصّل بعضهم في ذلك. والأصل أن كل من صحّت صلاته صحّتْ إمامته. ومن استثنى من هذه القاعدة بعض من تصح صلاته للضرورة ولا تصح إمامته كالذي لا يحسن الفاتحة، لم يَسْتَثْنى مَنْ ذهب أحد أعضائه فاتخذ له بدلًا من معدن أو خشب. لهذا لا أرى وجهًا للخلاف في صحة إمامة الإمام المسؤول عنه[1].
[1] المنار ج11 (1908) ص583-584.
فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا
رقم الفتوى: 263 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017