• إطلاق لفظ مولانا على الناس

    إنني قد اطلعت على كتاب يدعى صيانة الإنسان عن وساوس ابن دحلان فرأيته قد فسر كلمة «مولى» بما معناه: أن كلمة مولى مشتقة من اسم الجلالة، فلا يجوز والحالة هذه إطلاقها على بني الإنسان، كأن يقال مثلًا: (مولانا فلان) فكل إنسان قالها لإنسان غيره يشرك بالله! قرأت هذا وأنا بين الشك واليقين في كلامه؛ لأنني كثيرًا ما أسمع هذه الكلمة يقولها الناس لأناس غيرهم، فلم أر أحدًا يهديني للصواب سواكم، فأتيت برسالتي هذه مستفتيًا إياكم عن هذه الكلمة ودرجها مع الجواب بأول عدد يصدر من مجلتكم الغراء، فلا زلتم الملجأ لحل المشكلات، والوحيد في فك المعضلات آمين.
     

    لقد غلا صاحب ذلك الكتاب في قوله الذي نقلتموه غلوًّا كبيرًا، وأخطأ خطأ ظاهرًا؛ فلفظ المولى ليس مشتقًّا من لفظ الجلالة الذي هو من مادة «وله»، بل هو مشتق من مادة الولاية أو الولاء، وقد بيّن الله تعالى في كتابه أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وما كل ما أطلق على الله عز وجل من الأسماء يحرم إطلاقه على غيره، كما هو معلوم من إطلاق لفظ «رؤوف رحيم» على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن، ومن تسمية المسلمين أبناءهم بالحكم والرشيد وغير ذلك مما جاء في أسماء الله الحسنى. وقد استعمل المسلمون لفظ «المولى» من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا العهد، وهو بمعنى السيد، وشاع عندهم إطلاقه على المعتوق، فكانوا يقولون: زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونافع مولى ابن عمر رضي الله عنه. ومن استعماله بمعنى السيد قول الخنساء رضي الله عنها في أخيها صخر[1].

    وإن صخرًا لمولانا وسيدنا ... وإن صخرًا إذا نشتو لنحار


    [1] المنار ج12 (1909) ص 814.

    فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا

    رقم الفتوى: 300 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017

    المفتي: محمد رشيد رضا
    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة