• اختلاف مطالع هلال رمضان

    قد نشرنا مقالًا حول الأهلة تحت عنوان (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) بجريدة البيان في 16/2/1997م. نرسل لكم مع هذا صورة منه أملًا في أن نسمع آراءكم التي نعتز بها ونقدرها حق قدرها، حتى نكون على بصيرة من الأمر.

    ثم اطلعت اللجنة على نص المقال المشار إليه، وهو: وجهة نظر يكتبها: سعيد... صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» حديث نبوي شريف واضح الكلمات... مفهوم المعاني حكم شرعي قاطع... أوصانا به معلم البشرية ومرشدها رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بوحي من الخالق سبحانه وتعالى، نتذكر كلمات هذا الحديث في مثل هذه الأيام من كل عام... مع بداية شهر الصوم... رمضان المبارك... وفي نهايته وبداية شهر شوال الكريم... وإن كانت دلالة الحديث الشريف تنطبق على تحديد بدايات الشهور العربية كلها... إلا أن معناها الواضح يقفز إلى الأذهان في مثل هذه الأيام بالذات... وعلى الرغم من ذلك يختلف علماء المسلمين من مكان لآخر... كل يفسر حسبما يرى... ونجد أبناء الأمة الإسلامية حائرين وفي نهاية الأمر يحدث ما نراه من صيام البعض اليوم... والبعض الآخر غدًا... فريق يفطر اليوم ويبدأ أول أيام عيد الفطر... والفريق الآخر يفطر في اليوم الثاني... وهكذا تنقسم الأمة الإسلامية على نفسها وكأنه كتب عليها التشتت والانقسام وعدم توحيد الكلمة حتى في أبسط الأشياء، وهو تحديد بداية ونهاية شهر الصوم... ألا يدعو هذا إلى التعجب؟ هل من المعقول ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين... ولا يزال هناك خلاف على أمور واضحة وجلية مثلما كانوا منذ قرون مضت.

    هل من الممكن بعد الثورة الهائلة في المعلومات والاتصالات التي جعلت الدنيا كلها لا نقول قرية صغيرة، لأن هذه المقولة أصبحت غير معبرة في رأينا، وإنما نقول إن هذه الثورة وضعت العالم كله عند أطراف أصابعنا، لأنه بلمسة صغيرة في جهاز التليفزيون نرى العالم كله ونحن في غرفنا الصغيرة، وبلمسة أخرى على جهاز الكمبيوتر تتدفق المعلومات من كل مكان في شبكات «الانترنت».. هل بعد هذا لا نستثمر ما ينفعنا من هذه التقنيات لخدمة أهدافنا؟ والأخذ بهذه الأسباب العلمية لتفسير أمور الظواهر التي نختلف عليها طالما أنها تتفق مع أحكامنا الشرعية؟ أم أن هذه الأجهزة والتقنيات رجز من عمل الشيطان ينبغي ألا نقترب منها؟ لقد دعانا رب الكون وخالقه إلى التفكير والتدبر في ملكوته... وبين لنا القرآن الكريم -دستور كل زمان ومكان- فضل العلم وضرورة الأخذ بأسبابه، ويمكننا القول أنه على الرغم من توصل العلماء إلى نتائج تفسر بعض مظاهر الطبيعة سواء على الأرض أو في مجال الفضاء إلا أن هذا أقل كثيرًا مما تضمنته آيات القرآن الكريم التي تناولت أسرار عظمة الخالق سبحانه وإبداعه في خلق الكون بما فيه، وإذا كان كتابنا العزيز لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا وذكرها وطرحها للمسلمين منارًا ومرشدًا... فلا بد من الأخذ بها والعمل على هديها... يقول تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: 189].

    ويقول سبحانه أيضًا: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ[٩٦] وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[٩٧]﴾ [الأنعام: 96 - 97]. صدق الله العظيم.

    وعلماء الفلك يستعينون بهذه الآيات وغيرها من الآيات القرآنية في دراساتهم وتقديرهم لحساباتهم في حركة النجوم والكواكب، بل يطبقون ما جاء فيها بالفعل... وتأتي النتائج دقيقة وحاسمة لأنها استمدت من وحي كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل ولا تشوبه ذرة خطأ، وكان الأولى بنا وبعلمائنا الأخذ بها لأننا أصحاب الرسالة قبل غيرنا.
     

    اطلعت اللجنة على المقال المرفق، ولم تر فيه مخالفة للأحكام الشرعية، إلا موضوع إثبات رؤية هلال رمضان بناء على الحساب الذي جاء في آخر المقال فإنه مخالف لما أفتت به اللجنة سابقًا بجواز الاعتماد على الحساب في نفي إثبات الهلال إذا كان الحساب قطعي الدلالة، أما إذا كان غير قطعي الدلالة فلا يجوز الاعتماد عليه ولكن على الرؤية فقط، أما إثبات الهلال فلا يجوز فيه الاعتماد على الحساب، ولكن يمكن الاستئناس والاستنارة به فقط.

    والله أعلم.
     

    مجموعة الفتاوى الشرعية

    رقم الفتوى: 3988 تاريخ النشر في الموقع : 04/12/2017

    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة