أخذ الموظف عمولة على القيام بواجبه
بصفتي شريكًا في شركة كويتية تعمل في مجال التسويق الدولي، أود معرفةَ شرعيةِ ما تقوم به من أعمال، حيث شكوكي قائمة في شبهة المخالفة الشرعية في إجراءاتها التنفيذية لممارسة نشاطها، حيث إنها في توسطها للربط بين صاحب المشروع (وهي دولة أجنبية)، والمقاول الذي يحصل على المشروع بمناقصة بالظرف المختوم -بالمنافسة مع مقاولين آخرين من مختلف الجنسيات- لتأخذ عمولتها من المقاول بنسبة مئوية من كامل قيمة المشروع، علمًا بأنها تستعين بمجموعة من المساعدين داخل جهاز تلك الدولة أو خارجها لتذليل ما يواجهها من صعاب وعقبات إدارية أو عرقلة من منافسيها من المقاولين الآخرين، وأيضًا إعطاء المعلومات الضرورية الأولية عن ذلك المشروع سواء قبل طرحه أو ما يستجد من معلومات خلال التنفيذ، وتدفع لهم جميعًا ما نسبته 40% تقريبًا من عمولتها من المقاول، فهل تلك النسبة المدفوعة لهؤلاء المساعدين هي بمثابة رشوة؟ حيث إن بعض أولئك المساعدين موظف مناط به مسؤولية الإشراف على طرح المناقصة ذاتها، وبعضهم ذو سلطة عالية يستعان به في تذليل أي عرقلة متعمدة تطرأ على سير العمل في تنفيذ المشروع من قبل أطراف أخرى منافسة، أم يعتبر ما يدفع لأولئك المساعدين ضرورة اقتضتها طبيعة العمل علمًا بأن المقاول لا يأخذ المشروع إلا بتوفر جميع الشروط المنصوص عليها في أوراق العطاء وبالسعر المنافس للآخرين، مع ملاحظة أن بعض أولئك الموظفين يدفع لهم اتقاء لشرهم في العرقلة والكيد إذا رفض طلبهم.
- وإذا كان الجواب بعدم شرعية أرباح هذا العمل، فما التصرف الذي يبرئ الذمة في هذه الأرباح، هل يجوز أن تسدد فيها ديون مترتبة بذمتي للآخرين، وأن يتصدق فيها عن الفقراء أو أعمال خيرية أخرى أو أي مصارف أخرى.
ثم حضر المستفتي وأفاد ما يلي: دور الشركة البحث عن شركات منفذة لترشيحها للجهات التي تريد تنفيذ مشاريعها، وتأخذ على تلك الوساطة أجرًا، حيث إن بعض الجهات الراغبة في تنفيذ مشاريعها لا تعلم أي الشركات أنسب لها، والشركة تقوم بهذا الدور. والجهة الراغبة بتنفيذ مشاريعها، وهي في الغالب جهة حكومية، لا تعلن بشكل عام أو رسمي عن رغبتها هذه، وإنما في إطار محدود. والشركة تستفيد من علاقاتها بموظفي الدولة، وهذه العلاقات مكلفة في بعض الأحيان. ودور الموظف ينحصر في توفير أوراق المناقصة لعرضها على الشركات. والشركة لا علاقة لها بمن سترسو عليه المناقصة، لأن الاختيار سيتم بناء على المواصفات والشروط. فدور الشركة يتمثل في إدراج اسم الجهة الراغبة بتنفيذ المشروع ضمن الشركات المتقدمة. والشركة تأخذ عمولة من الشركة المنفذة. والشركة تقدم بعض الهدايا للموظفين الذين قاموا بمساعدتها بالحصول على الأوراق لدخول المناقصة. والشركة لا تأخذ إلا حقها في دخول المناقصة. حيث قد يتم استبعاد بعض الشركات، وبقاؤها يحتاج إلى مطالبة أو الدفاع عنها. والشركة قد تتكلف مصاريف الانتقال بين البلاد والاتصالات. وقد تدفع من التكاليف بمقدار ما تحصله ولا تربح شيئًا. ورأس مال الشركة الحقيقي العلاقات الاجتماعية والوساطات والاتصالات. وما يقوم به بعض الموظفين من تقديم المعلومات لا يعد إفشاءً لسرٍّ. وبعض الأماكن التي نتعامل مع موظفيها أخذ العمولة فيها شائع وطبيعي جدًا، ولا يخجلون منه.
ما دامت الجهة التي تطلب القيام ببعض أعمال لها لا تعلم بأن أحد موظفيها يأخذ عمولة على الأعمال التي تحتاجها هذه الجهة، فلا يجوز لهذا الموظف أن يأخذ هذه العمولة، فإذا أخذها عُدّ مرتشيًا، وما دامت الشركة المستفتية هي التي تدفع هذه الرشوة فتُعدّ راشية وآثمة لذلك. وكل شريك في هذه الشركة الوسيطة مشارك في هذه العملية المحرمة ومشارك في الإثم فيها ما دام يعلم ذلك، وعلى من أخذ هذا المال أن يرده إلى من أخذه منه بغير حق، فإذا تعذر عليه ذلك فعليه التصدق به على الفقراء والمساكين وطرق الخير والبر العامة -عدا طباعة المصاحف وبناء المساجد- وعلى الراشي التوبة إلى الله تعالى توبةً نصوحًا بالندم والعزم على عدم العود لمثله.
والله أعلم.