حكم الجمع في الحضر قبل الشروع في السفر
طالبات الجامعة يخرجن من بيوتهن محل إقامتهن البعيدة عن الجامعة بمسافة ثلاث ساعات، ويكون خروجهن من البيت بعد صلاة الظهر بمدة، ويصلن إلى الجامعة بعد انتهاء وقت العصر ودخول وقت المغرب، وهن لا يستطعن النزول للصلاة لظروف وملابسات كثيرة، منها: كثرتهن وعدم توفر أماكن للصلاة لهن.
فهل يجوز لهن أن يجمعن صلاة العصر مع الظهر في بيوتهن قبل الارتحال؟ وإذا لم يجز لهن جمع الصلاة بحكم أنهن لم يسافرن بعد من البيت، فماذا يفعلن والحالة هذه؟
من المقرر في الفقه عند الأئمة الأربعة أن شرط الجمع والقصر للمسافر أن يكون قد جدَّ به السَّير، وخرج عن المدينة أو القرية، أو جاوز بساتينها، لمفهوم قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾[النساء: 101]، والضرب في الأرض هو السير فيها، وهو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان إذا جدَّ به السير جمع بين المغرب والعشاء، ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
ولم يثبت أنه جمع قبل خروجه من بيته، بل ثبت في حجة الوداع أنه صلّى الظهر أربعًا ثم خرج فصلّى العصر بذي الحليفة ركعتين، كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في منسكه الكبير.
لكن إذا كان حال الطالبات ما ذكر فإنه لا بأس أن يترخصن بالجمع في بيوتهن من غير قصر، بشرط أن لا يتخذنه عادة، ولكن عند حاجتهن المذكورة في السؤال أو نحوها، وذلك لما أخرج مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ»، الحديث.
فقد نقل الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم 5/219 جواز الجمع لمن لا يتخذه عادة عن جماعة من الأئمة منهم ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، قال: وحكاه الخطابي عن القفَّال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي، وعن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس رضي الله عنهما: «أراد أن لا يحرج أمته»، قال: فلم يعلله بمرض ولا غيره، وهذا وإن كان مخالفًا لمذاهب الأئمة الأربعة إلا أن الحاجة داعية إلى القول به عملًا بأصل الشرع العام في رفع الحرج.
والله تعالى أعلم.
دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي
رقم الفتوى: 166 تاريخ النشر في الموقع : 06/12/2017
تواصل معنا