حكم نبش المقبرة العامرة
عثرنا في منطقتنا على مقبرة ودخلت أرض المقبرة، في بعض البيوت السكنية، ودخل بعضها في خط المجاري، والمقبرة لم يمض عليها أكثر من عشر سنوات، فهل يجوز نبشها للضرورة؟ نرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.
الذي اتضح من هذا السؤال، ومن الصور الفوتوغرافية المرفقة، التي أبانت بقاء الموتى فيها بهياكلهم وأكفانهم، أن المقبرة هذه مازالت عامرة بموتاها، وذلك يعني أنه لا يجوز نبشها كما نص على ذلك الفقهاء، ففي أقرب المسالك بشرحه الصغير 1/577 ما نصه: «والقبر حُبسٌ على الميت لا ينبش ما دام به إلا لضرورة شرعية كضيق المسجد الجامع، أو دفن آخر معه عند الضيق، أو كان القبر في ملك غيره وأراد إخراجه منه، أو كفن بمال الغير بلا إذنه وأراد ربُّه أخذَه قبل تغيره، أو دفن معه مال من حلي أو غيره، قال الدردير أيضًا: ومفهوم (ما دام) أنه إذا علم أن الأرض أكلته ولم يبق شيء من عظامه فإنه ينبش، قال: لكن للدفن أو اتخاذ محلها مسجدًا، لا للزرع والبناء».
ونقل الصاوي في حاشية الكتاب المذكور 1/578 اتفاق العلماء على أن الموضع الذي يدفن فيه المسلم وقف عليه ما دام شيء موجودٌ فيه حتى يفنى، فإن فني فيجوز حينئذ دفن غيره فيه، فإن بقي شيء من عظامه فالحرمة باقية لجميعه. اهـ.
ونحو هذا في المجموع للإمام النووي 5/303 إذ قال: «وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية...» وذكر من الأسباب الشرعية: إذا دفن لغير القبلة، أو بلا غسل، أو بلا كفن، أو في كفن مغصوب، أو حرير، أو أرض مغصوبة، أو ابتلع جوهرة، أو وقع في القبر مال. يعني: ولم يسامح صاحبه فيه.
فإن لم يكن شيء من ذلك لم يجز إلا إذا بلي وصار ترابًا، وحينئذ يجوز نبشه ودفن غيره. وإن كانت أرضًا مملوكة جاز زرعها وبناؤها وسائر وجوه الانتفاع، وأما إن كانت مسبَّلة فلا.
وبناءً على ما ذكر فإنه لا يجوز تغيير وضع المقبرة هذه إلى حي سكني لما تقدم.
وأما المجاري التي لم يتم إنشاؤها بعدُ، فإن الواجب إبعادها عن القبور ما أمكن، فإن لم يمكن وتوقفت مصلحة الأحياء على مرورها في المقبرة جاز للضرورة إذ المشقة تجلب التيسير، وجاز عندئذ نقل الموتى الذين يمر عليهم الخط إلى موضع بعيد عن الأذى.
كما قاله الحطاب 2/253 فيما إذا احتيج إلى المقبرة لمصالح المسلمين، قال: كما فعل سيدنا معاوية رضي الله عنه في شهداء أحد.
ونهيب بالمعنيين عندئذ أن يتقوا الله في موتاهم، فإن حرمة الميت كحرمة الحي، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ». أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد حسن.
والله تعالى أعلم.
دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي
رقم الفتوى: 202 تاريخ النشر في الموقع : 06/12/2017
تواصل معنا