• شرب الدخان

    ما حكم شرب الدخان هل هو حرام أم لا؟ وما رأي الأطباء فيه هل هو مضر أم لا؟ وما رأيكم في الحديث الذي معناه (صرف المال فيما لا يضر ولا ينفع حرام) نرجو الإفادة بإسهاب على هذا السؤال خاصة.
     

    بيَّنا مرارًا أنه لا يقوم دليل على تحريم التدخين تحريمًا عامًّا إلا إذا ثبت أنه ضار ضررًا شديدًا بكل من يستعمله، وهذا لم يثبت.

    ولكن الأطباء متفقون على أن فيه مادة سامة يسمونها «نيكوتين» وأن استعماله يضر بعض الناس وينفع بعضًا في الجملة.

    وأن أكثر الذين يتعودونه بالتدريج لا يضرهم ضررًا ظاهرًا.

    وعلى هذا يختلف حكمه باختلاف مستعمليه، فمن ثبت عنده أنه يضره بالتجربة أو بقول طبيبه، فعليه أن يتركه.

    لأنه يكون محرمًا عليه.

    وقد اختلفت فيه أقوال فقهاء المذاهب، فكان أكثرهم يحرِّمه عقب ظهوره كعادتهم في كل شيء جديد، وبعد أن فشا واعتيد صار أكثرهم يبيحه وبعضهم يكرهه كعادتهم في مثل ذلك.

    وقد أفتى شيخ الأزهر أبو الفضل الجيزاوي ومفتي الديار المصرية بأن ثالث أقوال العلماء فيه وهو الكراهة هو الوسط الراجح.

    وأما حديث «صرف المال فيما لا يضر ولا ينفع حرام» فلم أره في شيء من كتب الحديث، ولعله لا يوجد في الدنيا شيء يصرف فيه المال لا ينفع ولا يضر مطلقًا.

    والتحريم في أصول الشرع هو حكم الله المقتضي للترك اقتضاء جازمًا.

    وكان علماء السلف يشترطون في هذا الخطاب الإلهي أن يكون قطعي الرواية والدلالة معًا، وقد صرَّح به أئمة الحنفية وهو الحق، فالحديث المزعوم معارض بهذا الأصل الشرعي وبأصل الإباحة في الأشياء المأخوذة من قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]. [1]

    [1] المنار ج32 (1931) ص 274.

    فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا

    رقم الفتوى: 926 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017

    المفتي: محمد رشيد رضا
    تواصل معنا

التعليقات