المرأة المطلقة طلاقًا بائنًا لا ترث من مال زوجها
حدث خلاف بين أب وبعض أبنائه وعلى إثره وجه إليهم ثلاث رسائل خطية وليست شفوية وحدد فيها عدة مطالب من الأبناء والزوجة، وعلق الأمر عند عدم وصول الإجابات في الوقت المحدد بتاريخ معين بخروج الزوجة من عصمته، وبالفعل لم تصل تلك المطالب في الموعد المحدد مع العلم أن الزوجة استجابت لمطلبه وكذلك استجاب له الأبناء إلا أن أحد الأبناء عارض وتهاون في إرساله في الوقت المحدد، كما هو موضح تفصيلًا في الأوراق المرفقة، وبعد ذلك أرسل الزوج إلى عدة جهات شرعية يستفتي الأمر في حكم هذه المسألة فكانت الردود الشرعية ما بين أن يكون الأمر: 1- يمينًا يحتاج إلى كفارة.
2- طلاقًا رجعيًا.
3- طلاقًا بائنًا بينونة صغرى.
4- وقع الطلاق ثلاثًا كما هو موضح في الفتاوى المرفقة.
وقبل وفاته كتب وصية مقسمة فيها تركته على ورثته من أبنائه وبناته وإحدى زوجتيه، كل وفق نصيبه الشرعي، ولم يجعل لهذه الزوجة (موضوع الخلاف) نصيبًا في ماله وإنما جعل لها مبلغًا ماليًا كمعونة منه، كما هو موضح في الوصية المرفقة.
ثم توفي بعد ذلك.
ولم يرسل إلى الزوجة ورقة الطلاق الرسمية، ولم يتلفظ بصريح الطلاق أمامها أو أمام غيرها إلا أن هناك بعض الدلائل تشير إلى أنه أخذ برأي من قال: بالطلاق البائن بينونة كبرى من خلال وصيته أو بعض عباراته في رسائله الأخيرة الموجهة إلى أبنائه، والمرفقة صور منها أو بعض أقواله الشفوية لبعض أبنائه والموضحة في الملاحظات المرفقة.
لذلك نطلب دراسة هذا الأمر وفق ما نرفق من أوراق تختص بهذه القضية لمعرفة الحكم الشرعي بشأن هذه الزوجة فيما يخص حقها في الميراث إن كانت ما تزال على ذمته؟
لقد درسنا ملف القضية المرفقة بتمعّن، وكنَّا على دراية سابقة بها، حيث كان لنا مساهمة في الإجابة عن المسألة، غير أن المتوفَّى رحمه الله تعالى لم يقتنع بإجابتنا، وذهب يسأل أكثر من جهة، وكانت الإجابة كما أشرتم متفاوتة بين البينونة الكبرى والصغرى، أو مجرد يمين تلزمه الكفارة.
غير أن هذا الرأي لم ينل قبولًا عند السائل، وذهب يكيف نفسه بناءً على الإجابات الأخرى، لا سيما الإجابة التي أفادت بأن الطلاق وقع ثلاثًا، ولذلك عندما وزع تركته على ورثته لم يجعل لها نصيبًا في الثُّمن الذي قصره على الزَوجة فقط، وأعطى الأخرى التي كان يسأل عن حكمها معونة مالية فقط.
وعندما سأله بعض أبنائه أن زوجته (موضوع الخلاف) تطلب أن تسلم عليه ردّ بأنها لا تجوز له، وعندما سئل عن إخراجها من التركة، أجاب بأنه بعد فتوى ابن باز الذي أوقع عليها الثلاث لا يستطيع أن يلقى الله وقد ارتكب محرمًا برجوعه إليها، ولا يستطيع أن يعطيها أموال غيرها من التركة، وهذه قرائن واضحة، تدل على أنه اقتنع بأنها مطلقة منه.
وبغض النظر عن اقتناعه، فإن الذي كنا قد أجبنا به السائل في حينه، أنه وقع عليه طلقتان، نظرًا لأن التعليقات التي علق بها الطلاق تعود إلى أمرين: وهما تقديم اعتذار من امرأته ومن أولاده، وعدم حضانة زوجته لأحفاده إلا بإذنه، ولم يتحقق أي من الأمرين فوقع عليه بذلك طلقتان، وما زلنا نفتي بذلك.
وبما أنه لم يراجعها في العدة بناءً على فتوانا، وكذا على فتاوى علماء الهند الذين اعتبروا عليه طلقة واحدة، ولم يجدد نكاحها بعد انقضاء العدة بناءً على هاتين الفتوتين، ناهيك عن أن المتوفَّى كان قد اختار الفتوى القائلة بأن الطلاق كان ثلاثًا، فلا سبيل له عليها حتى تنكح زوجًا غيره.
كما دلت على ذلك عباراته الآنفة الذكر، ووصيته في توزيع التركة.
وبناءً على كل ما ذكر فإن هذه المرأة أجنبية عنه ولا ترث منه شيئًا، ولقد أحسن رحمه الله تعالى حيث أوصى لها بمعونة مالية مجزئة، وذلك ما ندب الله تعالى إليه بقوله: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: 237]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ حُسْنُ الْعَهْدِ مِنْ الْإِيمَانِ» رواه الحاكم على شرط الشيخين ولا علة له وأقره الذهبي.
والله تعالى أعلم.
دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي
رقم الفتوى: 1039 تاريخ النشر في الموقع : 06/12/2017
تواصل معنا