• حكم الصوم والصلاة في مدينة تطلع فيها الشمس عقب الشفق

    سألت مصلحة المساحة بالآتي: أتشرف بأن أحيط فضيلتكم علمًا بأنه قد طلب إلى هذه المصلحة أن تحسب أوقات الصلاة والصوم لمدينة جرينتش بإنجلترا، وهذه المدينة تقع على خط عرض 52 درجة شمال خط الاستواء حيث لا يبلغ انخفاض الشمس عن الأفق في أشهر مايو ويونيو ويوليو القدر الذي يترتب عليه زوال الشفق الأحمر، بمعنى أن هذا الشفق يظل طول الليل مرئيًا، وبذلك لا يمكن تعيين وقت العشاء ولا وقت الفجر، أما في الجهات القريبة من خط الاستواء مثل مصر فيزول الشفق الأحمر عندما يبلغ انخفاض الشمس 17 درجة ونصف الدرجة تحت الأفق، ويظهر الضوء الأبيض وقت طلوع الفجر الصادق عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار تسع عشر درجة ونصف درجة، أما في جرينتش فيقل انخفاض الشمس عن هذين المقدارين في أشهر الصيف كما سبق القول، ولذلك يستحيل حساب أوقات العشاء والفجر طبقًا للطريقة المتبعة في عمل الحساب لمصر والمبينة على هبوط الشمس تحت الأفق بالمقدارين المشار إليهما. لذلك أرجو التكرم بالإفادة عن أحكام الشرع الشريف في هذا الموضوع. ثم حضر حضرة مندوب المصلحة وزاد على خطاب المصلحة السابق ما يأتي: إلحاقًا لخطاب المصلحة المسطر بعاليه أقول بأن الشفق في هذه المدينة يبقى بحالة واحدة إلى طلوع الشمس، كما أن الظلام يبقى بحالة واحدة من غير تفاوت إلى طلوعها، ولا يظهر بياض من جهة المشرق قبل طلوع الشمس، والرجاء التفضل ببيان الأحكام الشرعية بالنسبة للصوم والصلاة لهذه المدينة، وأقول: إن مدة الليل في هذه المدينة في الأشهر المذكورة تبلغ نحو السبع ساعات.
     

    اطلعنا على خطاب عزتكم المؤرخ 20 ديسمبر سنة 1934 رقم 9- 3/ 6 جـ 2، ونفيد بأننا لم نر لمشايخ الحنفية كلامًا في بيان حكم مثل هذه المدينة التي تطلع فيها الشمس عقب الشفق ويبقى فيها الظلام على حالة واحدة إلى طلوعها، وإنما المذكور في كتبهم حكم أهل بلد يطلع فيه الفجر قبل غروب الشفق، وقد اختلف فيه مشايخ الحنفية، هل تجب العشاء حينئذ؟ فمنهم من قال: لا تجب العشاء لعدم وجود وقتها، وعلى هذا لا يجب على أهل هذا البلد إلا أربع صلوات، وقال قوم منهم: إنها تجب على أهل هذا البلد، بمعنى أنه يجب عليهم صلاة العشاء بعد الفجر، لا على أنها أداء إذ ليس لها وقت أداء عندهم، وعلى قياس هذا يؤخذ حكم أهل المدينة المذكورة بالنسبة لصلاتي العشاء والفجر، فعلى القول الأول لا تجبان عليهم؛ لعدم وجود وقت لكل منهما، وعلى القول الثاني تجبان بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح على ما هو الظاهر لنا، وتجبان حينئذ لا على أنهما من قبيل الأداء. هذا حكم الصلاة.

    أما حكم الصوم فالظاهر لنا -وإن لم نجده منصوصًا- أنه على مذهب الحنفية يجب الصوم عليهم، ويكون ابتداء النهار عندهم من طلوع الشمس الذي هو وقت زوال الليل بالنسبة إليهم، وهذا إذا كان الأمر كما ذكر بكلام حضرة مندوب المصلحة من أن الشفق يبقى في هذه المدينة بحالة واحدة إلى طلوع الشمس، كما أن الظلام يبقى بحالة واحدة من غير تفاوت إلى طلوعها، أما إذا كان يظهر البياض المستطير في الأفق وهو الذي ينتشر ضوؤه في أطراف السماء لم يكن وقت الفجر حينئذ معدوما، بل كان موجودًا، وكان النهار من طلوع هذا البياض، وكان المعدوم حينئذ هو وقت العشاء فقط، والحكم فيه ما سبق ذكره نصا عن الفقهاء. هذا ما يتعلق بحكم الصلاة والصوم على مذهب الحنفية، ومذهب الشافعية يخالف مذهب الحنفية في هذا الموضوع، ونرى إحالة الأوراق على شيخ السادة الشافعية، وهو حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر لبيان ما تقتضيه نصوص مذهب الشافعي في هذا الموضوع، والخطاب المذكور معاد.

    المبادئ:-

    1- إذا كان الفجر يطلع في بلد قبل غروب الشفق فلا تجب صلاة العشاء على أهل هذا البلد لعدم وجود وقتها ويكون الواجب عليهم أربع صلوات فقط عند بعض الحنفية. وذهب آخرون منهم أن العشاء لا تسقط عنهم ولكن عليهم أن يصلوها بعد الفجر لا على أنها أداء حيث لا وقت للأداء عندهم.

    2- يجب الصوم إذا طلع الفجر في بلد قبل غروب الشفق ويكون ابتداء النهار من طلوع الشمس الذي هو وقت زوال الليل لهم.

    3- إذا كان البياض المستطير في الأفق ظاهرًا كان وقت الفجر معلومًا وكان النهار من طلوع هذا البياض.

    بتاريخ: 13/3/1935

    دار الإفتاء المصرية

    رقم الفتوى: 254 س:40 تاريخ النشر في الموقع : 12/12/2017

    المفتي: عبد المجيد سليم
    تواصل معنا

التعليقات

فتاوى ذات صلة