الثواب المعين على إنشاد شعر معين
هل يعول على ما يذكره الأئمة من أن من قال كذا شعرًا نال كذا أجرًا، كقول الشعراني: من قال عقب كل صلاة جمعة:
إلهي لست للفردوس أهلًا ... ولا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبة واغفر ذنوبي ... فإنك غافر الذنب العظيم
خمس مرات توفي مؤمنًا بلا شك. نقله عنه الباجوري في حاشيته على أبي شجاع الشافعي؟ فإن قلتم: نعم، فما مستند ذلك، ومثله إنما يؤخذ عن الشارع ولم ينقل عنه -فيما أعلم- أنه وعد على شعر بأجر خاص؟ وإن قلتم: لا، فكيف استجاز الأئمة ذكر ذلك مع أن منهم المجمع على جلالته كالسيوطي فقد أورد من هذا شيئًا في كتاب الأرج في الفرج؟
ما ذكر في السؤال شيء لا دليل له من أدلة الشرع، فلا يعول عليه، ولا يُلتفت إلى ناقله كائنًا من كان، ولا يقبل كلام أحد في ثواب الآخرة وعقابها إلا بدليل عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإن الشعراني الذين نقل عنه الباجوري ذلك القول في البيتين ليس من الأئمة المجتهدين، ومن اتفق الناس على إمامتهم في فقه الدين ليس كلامهم حجة ولا شرعًا بالإجماع، وإنما معنى إمامتهم أن لهم مسالك في فهم النصوص والاستنباط منها وترجيح متعارضها قد استفاد منها الناس وتبعوهم فيها وهي التي سميت مذاهب. [1]
[1] المنار ج16 (1913) ص584.
فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا
رقم الفتوى: 470 تاريخ النشر في الموقع : 03/12/2017