• الحكم الشرعي في مسألة التهرب الضريبي

    نظر مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية في السؤال الوارد من أحد السادة النواب عما يُلحقه التهرب الضريبي من أضرار في الاقتصاد الوطني، واعتداء على المال العام بطريقة تمسّ أمن الاقتصاد الوطني، طالبًا بيان الحكم الشرعي في مسألة التهرب الضريبي؟

    الأمن الاقتصادي الوطني وصيانة المال العام مقاصد شرعية، وأمانة يجب على الجميع أداؤها والمحافظة عليها كما أمر الله عز وجل حين قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:58]، وهذه مسؤولية جماعية كما قال عليه الصلاة والسلام: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.

    وأول راعٍ هم أصحاب الولاية الذين تحمَّلوا أسباب معايش الناس وأمورهم، فواجبهم أن يكونوا وكلاء عن الشعوب في أداء ما أمر الله به من الإحسان في إدارة موارد الأوطان، وتحقيق العدالة في الفرض والتوزيع، وترشيد النفقات، ومكافحة الفساد، والحرص على رعاية مبادئ الشريعة في الاقتصاد الوطني، ومُشاركة حقيقية للشعب في ذلك، من خلال نواب يحملون رسالة حقيقية جوهرها قيم الإسلام ومصالح الناس، ويُؤدون دورهم الرقابي على الأداء المالي للسلطة التنفيذية، مما يُساهم في توقف التهرب الضريبي، وسيجد دافع الضَّريبة حينئذٍ سعادته في مُساهمته لصالح أمته ووطنه.

    وكذلك أصحاب الأموال عليهم مسؤولية تجاه المال العام والضَّريبة، وهم يعلمون أن الأمانة في حفظها وأدائها تُساهم في مسيرة الإصلاح والنهضة المنشودة، فلا يجوز أن يمتنع أحدُهم عن ذلك؛ لما قد يرى مِن تقصير الآخرين، ولا تغرّه قلة السالكين، ولا كثرة المُتخلفين، بل يمتثل ما أمر الله عز وجل به في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119].

    ويوصي مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية بالعمل على إصدار قانون خاص بفريضة الزكاة، وما يجب للفقراء في مال الأغنياء؛ لما له من الأثر العظيم في تحقيق التكافل الاجتماعي.

    والله تعالى أعلم.

    بتاريخ: 23/ ربيع الثاني/ 1435هـ، الموافق: 23/ 2/ 2014م.

التعليقات